الأخرى نحبها في سن الثامنة والعشرين بأمراض عادية أخف وطأة - فيما اعتقد - عن مرض الحسد الذي قصر عمريهما. أما الصغرى فقد انتحرت نتيجة مشاجرة مع زوجها. هذا مثل بسيط سقته على سبيل الاستشهاد، وان كانت الحياة اليومية ملأى بمثل هذه المآسي المحزنة.
٣ - الأيمان بالله والاعتقاد بالبعث والخلود:
لا جدال أن الأيمان بالله وباليوم الآخر فيه طمأنينة للنفس على عكس الشك والحيرة في أمر الإله، فهو مدعاة للقلق والخوف والخوف مضر بالجسم وقد يسبب الموت إذا اشتدت وطأته فيسبب للجهاز العصبي ما يسمى (بال) أي يوقف حركته، ومن المتعارف بين الناس أن الخوف مميت بخلاف من يؤمن بالله وبالبعث فيقل خوفه من الموت ومن التفكير في شانه ويهون عليه بعض الشيء فراق الحياة، إذ يعزي نفسه بالأخرى وهي خير وأبقى. ويقول بعض علماء النفس أن قوة أيمان الصالحين والقديسين وعدم مبالاتهم كثيرا بالموت كل ذلك له بعض الدخل في تعميرهم.
أما مسالة الخلود - أي خلود الأرواح - فقد نوهت عنه الأديان كما حاول إثباته نفسيا علماء الروح وعلميا أساتذة الطبيعة، فالذي يموت في الإنسان إنما هي مادته وليست روحه التي تفارق تلك المادة، وحتى الموت نفسه لا يستطيع فناء تلك المادة لان المادة خالدة لا تفنى، ولكنها تتحول إلى عناصرها الأولية التي تحفظ في الطبيعة، فالحياة بعبارة أخرى ما هي إلا مجموعة الذبذبة والاهتزاز الخلوي كما سبق ذكره، وهذه المجموعة هي إحدى القوى الطبيعية مثلها مثل قوة الجاذبية والدوران، والقوة الكهربائية من حيث إنها قوة كلها من أصل واحد هي أي من اصل كوني. والقوى كالمادة لا تفنى، ولكنها تتحول من نوع إلى نوع آخر على حسب العوامل التي تسيطر عليها. كذلك الروح , كما يسميها النفسيون والقوة الحيوية كما يسميها الطبيعيون ليست فانية، وإنما هي موجودة ومحفوظة في الكون.
ذكرنا كذلك إن الجسم لما تفارقه الروح أو القوة الحيوية أو بتعبير آخر يموت صاحبه تنهدم مادة الجسم وتنحل إلى عناصرها الأولية، وهذه العناصر موجودة ومحفوظة في الكون أيضا، ومن المعقول جداً أن يعود الجسم مرة ثانية ويبعث من جديد بائتلاف عناصره