فيستفيء في ظله. . .
ثم تابعت الجنازة سيرها، وتابع رفيق عزيز حديثه قائلا:
السير وراء الميت رحمة. . .
فأجابه عزيز: لا شك في ذلك، غير أنني أفضل تشييع الجنازات بالسيارات.
- ماذا؟. . . بالسيارات؟. . . هذا لا يجوز أبدا.
- لماذا؟. . .
- لان الناس يستنتجون من ذلك أن المشيعين يريدون التخلص من الفقيد على عجل. . .
وبلغت الجنازة مسجداً في الطريق، فوقف المشيعون، وادخلوا النعش المسجد، ودخل بعضهم في أثره ليصلوا على روح الفقيد، وظل عزيز واقفا خارج المسجد وكان يحس أن رأسه سينفجر من شدة الحر، فيشرب ماء وبتحول هذا الماء في لحظات إلى عرق منهمر.
ثم يخرج النعش، وتتابع الجنازة سيرها إلى أن تصل المقبرة.
وبعد أن أنزل الميت في لحده، وروى التراب وقرأ الشيخ عبارات التلقين المعتادة، وقرئت سورة (الفاتحة) على روحه، وقف أهل الفقيد في صفوف طويلة ليتقبلوا التعازي، وكان عددهم يناهز الخمسين. . . ووقف الناس في صفوف طويلة أيضاً ليقوموا بواجبهم في التعزية. . . ولسوء حظ عزيز أنه كان يقف في آخر تلك الصفوف.
وبدأ الناس يصافحون أهل الفقيد، فردا فردأ قائلين: عظم الله أجركم.
فيجيبوهم: كرم الله سعيكم. . .
وبعد نصف ساعة على وجه التقريب، جاء دور عزيز في تأدية واجبه. . . وكان مظهره يبعث ألام في النفس.
وعاد إلى بيته منهوك القوى، وهو يشعر بدوران شديد، فانطرح على فراشه في شبه غيبوبة. . . وعند فجر اليوم التالي استيقظت الحارة على عويل صبايا، وصراخ أطفال، وولولة عجائز. . . فتساءل الناس عن الخبر فقيل لهم إن عزيزا قضى نحبه. . . وكان موته ناتجا عن ضربة شمس!. . .
قلت لجليسي: واليك الآن مقاييس هذه الأمثولة القصصية: الصدر: إن عزيزا له جار، وكانت علاقته به سطحية، لكنهما كانا يجتمعان في الحفلات والمواسم، فمات جار عزيز