عرف كل من المريض العصبي، وصاحب الرؤيا، ورجل الفن طريقه إلى تحقيق رغبته. وإن كان هذا التحقيق رمزياً مشوهاً لا يدل في الظاهر على أي رغبة محرمة، ولكن التحليل في كل الحالات قد أثبت أن أعراض المريض والرؤيا ومنتجات الفن ليست إلاّ هذا التحقيق الرمزي المشوه لهذه الرغبات. فالرغبة المحرمة المجهولة لصاحبها لأنها مكبوتة بفعل الضمير هي أصل كل أعراض المرض، وهي أصل الرؤيا، وهي التي توحي الفن إلى الفنان، بل هي سبب التخيل وكل ما يبينه الخيال من تصورات وأمان، وإذا كنا قد ذكرنا الفنان هنا فان من الإنصاف أن نقول إنه عرف كيف يسمو برغبته ذلك السمو البارع الجميل.
ولا يمكن أن يكون هذا الموضوع تاماً إلا إذا تلكمنا عن المسألة الجنسية، وعن قصة أوديب الملك كما ينظر إليها فرويد، وهذا ما نرجو أن نتمكن من إيضاحه فيما بعد، إلاّ أن ما سبق أن أوردناه يسمح لنا أن نقول إن الإيحاء وحده لا يمكن أن يثمر الشفاء التام الدائم إلا إذا سبقه التحليل والكشف عن الرغبات الكامنة السالفة الذكر. ولنرجع الآن إلى الموضوع الذي يشغلنا وهو الفلتات أو الأفعال المفقودة. فقد بينا أن هذه الفلتات قد تكون كلامية. كأن يذكر كلمة غير التي كان يود أن يقولها أو يقرأها إذا كان يتكلم أو يقرأ من أي ورقة أو كتاب. أو فلتة سماعية، كأن يسمع كلمة غير التي قيلت له أو بمعنى آخر يتخيل سماع الكلمة المعينة، أو فلتة كتابية كأن يكتب غير الكلمة التي كان يريد كتابتها أو يمحو كلمة غير التي كان يريد محوها. أو فلتة من فلتات الذاكرة وهو ما نسميه بالنسيان - وقلنا إننا سنذكر بعض الأمثلة على كل هذا، وأن الكلمة الخطأ قد تكون عكس الكلمة المطلوبة - المخالفة قد تكون في ترتيب الحروف وفي معنى الكلمة - أو معدلة لها أو كلمة مدغومة في غيرها. الخ والواقع أن الأمثلة على كل نوع منها كثيرة ولا تدخل تحت حصر، ومن منا لم يسمع أو يلاحظ الكثير منها في كل يوم وفي كل مكان؟. ولهذا فإنني أترك الأمثلة لمن يود أن يلاحظ بنفسه هذه الفلتات وأن يتعرف إلى الغرض الذي حدثت من أجله. وأتكلم الآن عن فلتات الذاكرة أو النسيان، فقد أخبرني صديق لي أنه أراد مرة أن يتحدث عن شخص عرفه من مدة قريبة وعرف اسمه وسمع ذلك الاسم مراراً، ولكنه مع ذلك كان ينسى اسمه كلما أراد أن يتحدث عنه. وبعد جهد في محاولة استذكار الاسم فانه يذكر اسما آخر على