وهكذا فان الأفعال المفقودة أو الفلتات لم تفت عليهم، بل انهم استخدموا هذه الأفعال لتجميل الأسلوب وتوضيح المقصود، وقد أظهر لنا فرويد مثلين من ذلك. ففي رواية تاجر البندقية لشكسبير تقول بورشيا لبسانيو الذي يتقدم إلى الصناديق الثلاثة ليجرب حظه في نيل يدها (إن عينيك هذه تقسمني إلى نصفين. فالنصف الأول لك وأما النصف الثاني فهو لك. . . . أريد فهو لي). والسبب في هذه الفلتة الكلامية هو أن بورشيا تريد أن تقول إنها كلها له. وفي رواية أخرى. يقول كاستنبرج لاوكتافيو. (إلى أين أنت ذاهب). فيجيب اوكتافيو (إليها. . . إلى الدوق هيا بنا) والسبب في هذه الفلتة أيضاً هو رغبة اوكتافيو في اللحاق بالفتاة التي يحبها
وأما النكت والفكاهات التي تقال على البديهة فإنها نوع آخر من الأفعال المفقودة، إلا أن قائلها يتذرع بالضحك لستر رغباته الكامنة، ومع ذلك فان هذه الرغبات كثيراً ما تكتفي حقيقة بالأوهام، فلا تصر على التنفيذ الحقيقي لها، وإنما تكتفي بالرموز والتلميح كما تقدم.
ويمكن استخدام هذه الأفعال في انتخاب الأسئلة المحرجة وفي توجيه الاتهامات والمناقشة إلى الهدف الذي يرمي إليه المحقق، أما فيما يتعلق بالمرض فان التحليل النفسي لا يطمع من المريض أن يعترف برغباته اللاشعورية، ولكنه يطمع فقط في أن يعرف المريض رغباته في أثناء المناقشة معه، ولو أنه قد ينكرها بتاتاً، وقد يكون ذلك الإنكار خجلاً أو لأي سبب آخر، ولكن إنكاره هذا لا يمنع من وصول رغبته إلى الشعور، ومن ثم إلى التمييز لمناقشتها. فليس الاعتراف إذن ضرورياً للشفاء ما دامت الرغبة قد وصلت إلى التمييز، والإنكار نفسه قد يكون طريقة من طرق السمو بالرغبة، وهذا السمو هو في الواقع ميزة من ميزات التحليل النفسي ومن أجلها يفضل على الإيحاء. والرغبة المحرمة يسمو بها الإنسان إذا صورها وعدلها فأصبحت غير مخالفة لنظام المجتمع وتقاليده. فقد يفكر الإنسان في الأضرار بأي شخص كان لكراهيته له، وذلك إظهاراً لمقدرته على البطش والأذى، ولكنه قد يسمو فيكتفي فقط بإظهار قدرته على الأذى ثم يعفو ويتسامح بعد ذلك. وهذا هو ما يحدث تماماً عند ما يسمو المريض العصبي رغبته. ولكن رغبة هذا المريض العصبي ليست من هذا النوع البسيط من الرغبات فإنها هي والرغبات التي تتجلى في الأحلام والتي تملي على الفنان فنه ليست إلاّ رغبات جنسية تتعلق بأشخاص من ذوي القربى، وقد