في سبيل هذه اليقظة عقبة، خصوصاً وأن من المستحيل أن يجري في البلاد العربية ما جرى في بلاد الأتراك.
العرب يتمسكون بلغتهم وأدبهم، ويتغنون بمجد الإسلام، ولم تقم في بلادهم أية حركة وطنية إلا كانت الروح الإسلامية أساسها. فهل يفكر العرب بعد هذا بإبدال حروف لغتهم بالحروف اللاتينية، أو أن يتنحوا عن لغة القرآن التي تربطهم بالعالم الإسلامي كافة؟ هذا مستحيل، وستبقى الروح الإسلامية تسود بلادهم وتتقدم أبداً بلا كلل ولا ملل، ولا يطرأ عليها أي ضعف أو وهن. العرب بحاجة ماسة إلى هذه الروح لأنها أساس حياتهم القومية، ويجب على كل مسلم أن يتمسك بأهدابها إن كان للمسلمين أخلاق، ولا أظنهم إلا متمسكين بها.
ستصبح القاهرة والقدس بمرور الزمان في الدرجة الثانية عند المسلمين بعد مكة، وسيؤمها طلاب العلم من كل قطر إسلامي؛ وستزودهم هاتان البلدتان بدعاية قوية للفكرة الشرقية يبثونها في بلادهم، وتساعدهم على بثها الصحافة العربية التي بلغت من الرقي والتهذيب درجة سامية. أما الفوارق السياسية التي يخشى جانبها فلا تؤثر أبداً في إسلامية الشرق العربي.
وقال مستر بلانت (في الجزء الثاني من مذكراته) بتاريخ ٢٤ سبتمبر سنة ١٩٠٩ كتب إلى برنارد شو يقول: أخشى أننا سنلاقي أوقاتاً عصيبة في الهند ولكن على الهنود وعلى المصريين أيضاً أن يعملوا على تحقيق حرياتهم، فليس في وسعنا أن نطلق سراحهم من تلقاء أنفسنا ما لم يتخلصوا هم من بين أيدينا عنوة، وما لم تجابهنا الهزيمة ويتداعى صرح الإمبراطورية في جهات أخرى، فيضطرنا كل ذلك إلى الخروج من تلك البلاد كما خرج الرومان من بريطانية.