مما يقول حديثاً، ولكنه - كما فهمتُ من غضون كلماته - يقصد إلى تذكيرنا جميعاً بواجبات طال علينا الأمد في الغفلة عنها، فاختار لذلك أعمق الأساليب أثراً، ليكون في توالي صيحاته عبرة لمن يخشى.
ألست معي في أنَّ كثيراً منا بات لا يعتبر إلا بالكلام الجارح، والخطاب الصادع؟.
ألستِ معي في أن أنوثة الكثيرات من المتعلمات فينا قد فقدت غير قليل من جمالها حين استبدلت خشونة مشاركة الرجل في أعماله بنعومة تدبير المنزل وتربية الأطفال؟.
أولستِ معي أخيراً في أن ثقافة هؤلاء المتعلمات لم تحلْ دون تقليد الأجنبيات على عمى، وأن الرقة في خطابهن واللطف في مناقشتهن والهدوء في مناظرتهن لم تزدهن إلا عشقاً لكل جديد ولو كان فيه الموت، وهرباً من كل قديم ولو كان فيه الحياة؟
اغفري لي يا صديقتي إذا قلت: لا سبيل إلى إصلاحنا معشر النساء إلا صرخات مدوية، وغارات متوالية، تهيب بنا أن نوثق عرى إسلامنا قبل أن تنفصم، وأن نجدد شباب عروبتنا قبل أن يهرم، وأن نبث روح الفضيلة في جيلنا قبل أن يموت. . .
فشكراً لك يا سيدي الطنطاوي على نفثات قلمك. . . ولتمسك بيدك القوية الثابتة مع أيدي إخوانك من الرجال المُخلصين بأيدينا الناعمة المرتبكة؛ فقد كنتم معشر الرجال وما تزالون أقوى منا بأساً، وأشد منا ساعداً، وأثبت منا جناناً، وأربط منا جأشاً؛ غير أن الحياة لم تصلح في عهد من العهود إلا على يدين اثنتين: يد الجنس الخشن ويد الجنس اللطيف. وأما أنت يا سيدتي ذات السوار فاغتنمي هذه الفرصة التي هيأتها لك بالكتابة مرة أخرى إلى الأستاذ الطنطاوي معتذرة، واذكري ما عشت تلك التي استعارت اسمك المستعار.