أن يصفهن بالجمادات الخرساء ولو حملن أعلى الشهادات من بكالوريا ودبلوم وليسانس وماجستير.
لا غرابة في هذا كله.
ولا غرابة في أن يناظر الأستاذ أولئك المتعلمات مناظرة (هادئة) رفقاً منه بالقوارير، وحناناً من لدنه على لابسات الحرير. .
ولكن الغرابة حقاً في أن تثوري لنا من دوننا جميعاً معشر صاحبات (نون النسوة) فتدافعي عن عدد قليل من المتعلمات تصفينه بالجم الغفير، وتُبرزين من سداد رأيه واستقلال فكره وبعد نظره الشيء الكثير، حتى لكأني بك تحسبين أن الطنطاوي جاهل أو متجاهل ذلك العدد القليل الذي غاليت في تمداحه، أو أنه كتب مقالاته من قبل أن يدرس نفسيته وأطواره.
عفواً يا أختاه!.
لقد قلبت الآية فجعلت الكثير قليلاً، والقليل كثيراً.
ألا إن أكثر المتعلمات حظاً من الحيوية والنشاط واستقامة المبدأ لأقلهن عدداً. وإن أقل المتعلمات خلاقاً من الخير والفضيلة وحسن الاتجاه لأكثرهن سواداً.
ولئن عرفتِ جماً غفيراً من صديقاتك المتعلمات اللاتي يعجبن السامعين بحوارهن ونقاشهن فإن أخوف ما أخافه أن يكون حماسك لنا - نحن بنات جنسك - قد بعثك على المغالاة في نثر المديح، فأني عرفت مثلك جماً غفيراً من السيدات والفتيات المتعلمات، لكني أبيت أن أتخذهن صديقات إلا ما رحم بي، إذ ألفيتهن إلا قليلاً منهن - على كثرة ما في رؤوسهن من المعلومات - يرددن ما يحفظن ترديد الببغاء.
وما أحسبك تنكرين الصلة الوثيقة بين العلم والدين، وبين الثقافة والفضيلة، وأنك حين تشايعين الأستاذ على ما يقوله في فتاة العصر من ناحية الدين - والدين كما تعلمين ينبوع الفضائل - فقد شايعتِه على كل ما يلوم عليه أكثر فتيات هذا العصر، لأن علومهن وفنونهن وآدابهن لا تؤتي أكلها المطلوب، ولا ثمراتها المنشودة.
إن الأستاذ الطنطاوي لا يريد من وراء مقالاته أن يسيء إلى شعورنا معشر الجنس اللطيف، ولا أن يجرح كرامة المتعلمات وأنصاف المتعلمات بَلْهَ العاميات اللاتي لا يفقهن