للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يقول إن التلميذ لا يفهم معنى (عاد التلميذ مصابا) حتى يعرف أن مصابا حال، فحسبه إذن أن يقول أنها فضلة. وبذلك وحده نكون قد اهتصرنا ثلث النحو، ونستطيع أن نستغل القراتح في نواحي أخر أجدى وأعود بالفائدة. وبذلك نكون قد خففنا من هول هذا الشبح المفزع الذي يتراءى للتلميذ في يقظته ويروعه في منامه، وهو شبح القواعد.

ولست أزعم إنني مبدع هذا النسق من الدراسة والاختصار فقد سبق إليه الأستاذ إبراهيم مصطفى في كتابه النحو، ولكنه وا ضيعتاه لم يجر عليه في كتب صغار التلاميذ التي هو أحد عشر كوكبا رقشوا غلافها بأعلامهم الكريمة!

وهنا نترك أمر التبويب والترتيب والاختصار والحشو، إلى أمر آخر أقذى من العين، وأشجى للنفس، فإن الكتاب كثيرا ما يغفل عن المقرر إلى أي حد وقف، وعن التلميذ إلى أي مدى درس، فيطلب منه إعراب شيء ما عرفه بعد، فيقف التلميذ حائرا مبهوتا دهشا، أو يجتازه على ضرب من الحدس والتخمين، وما شر من ذاك إلا هذا، فأما المعلم فإنه يبيت - من رحمته بتلميذه وإشفاقه عليه - قلق غير موسد!.

خذ مثلا: مطالبته في آخر تمرين على الضمائر بأعراب الجملة (إننا سلمنا من القادمين) على حين أن التلميذ لم يعرف بعد أن من الخبر ما هو جملة، وبينه وبين معرفة ذلك مدى طويل، فالله أنشدكم ماذا يقول المدرس؟ وكيف يتخلص من أسئلة تصوب إليه في حرص وقوة؟ وكيف فات ذلك المؤلفين الستة والمراجعين السبعة؟

وخذ مثلا آخر: مطالبته بإعراب: (أمسى القانع وهو مغتبط) آخر باب الحال، وأمسى هنا دائرة بين التمام والجملة بعدها حال، أو النقصان والواو زائدة كما قالوا في (فأمسى وهو عريان) فأي البابين افتح على التلميذ الغض، باب تمام أمسى، وهو لا يطيقه، أم باب زيادة الواو، وهو لا يسيغه؛ على أن الواضع - عفا الله عنه - إنما قصد إلى الأول لأنه ذيل بهذا المثال باب الحال. واللجوء إليه يصدم عقول الأطفال الصدمة المضللة بين الناقص والتام، ويفتح عليه بابا من التخليط ليس له رتاج!

وبينما تجد الكتاب في تطبيقاته يحاور التلميذ محاورة الملغز المحاجي، تجده يقف عند بعض الأمثلة في بابين متباعدين لا يعدوهما، فهو يمثل في باب الحال، لشبه الجملة بقوله (وزنت القطن في غرارة) فإذا عددت خمسة أبواب بعدها تقع في نحو خمس عشرة ورقة،

<<  <  ج:
ص:  >  >>