للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تعرض لما، لماذا؟ لأنها مسكينة فارغة، متصعلكة لا عمل لها في اللفظ، أما أثرها في المعنى فليس للقوم على بال، وكذلك (لا) مستضعفة فارغة فلا ذكر لها ولا وجود!

والجناية في التوكيد مثلها في النفي؛ (فإن - المفعول المطلق المؤكد - ونون التوكيد - والتوكيد المعنوي) كلها مثبتة في الكتاب ولكنها مختصمة متفرقة أبدى سبأ، كل منها في باب، فتوكيد الجملة الاسمية تجده في الحروف النواسخ، وتوكيد الفعل بالاسم تجده في المفعول المطلق، وتوكيد الاسم بالاسم تجده في التوابع، فإذا رمت أن يؤكد لك التلميذ جملة اسمية فقد رميت به في متاهة لأنك بذكر لفظ (التوكيد) قد صرفت ذهنه كله إلى الباب المعقود للتوكيد، وليس فيه إلا الألفاظ التوابع وهي من الضآلة في العربية ما هي.

تلك جناية اللفتة السقيمة إلى آخر الكلمة، تفرق ما بين اللفق ولفقه، وتصيب عقل الوليد بالالتواء والتشويش.

لابد أن نعقد أبواب النحو على طريقة أخرى تتوخى فيها المعاني، فنعقد بابا للتوكيد، وبابا للنفي، وبابا للربط، وبابا للطلب. أمره. ونهيه. واستفهامه. ودعائه. وتمنيه، وهلم جرا؛ فذلك أعود بالفائدة واقرب إلى أن تكون الدراسة ممتعة شائقة غير جافة غثة باردة تعلق نظر الغلام بآخر الكلمة لا يعدوه.

وقد رأيت أن متابعة طريقة ابن مالك قد عادت على المؤلفين بوضع أبواب لا فائدة من دراستها في المرحلة الابتدائية، ذلك بان محط الخطأ إنما هو الأعراب، أما المبني فهو بعيد عن مجال الخطأ كل البعد، وقد جاءت الحروف مبنية، والأفعال كذلك، ونصب المضارع وجزمه سهل التدبير، فإن أدواتهما معدودة ومحدودة، ومدار الخطأ إنما هو في معرب الأسماء التي يتلون آخرها بالضم والكسر والفتح، والذي يتولى كبر الضلال من هذه الأحوال إنما هو الفتح، فأما الضم فإنه يدور حول محور واحد وهو الإسناد، فإسناد الاسم أو الإسناد إليه مقتض رفعه، لا يخرجه عن ذلك إلا ناسخ، وأما الجر فإنه يكون بحرف أو إضافة - فإذا حدد الاسم المرفوع وذلك هين، والمجرور وهو أهون، فما بقي من اسم فهو منصوب لا يكون إلا كذلك، فأما أنه منصوب على المفعولية أو الحالية، فذلك مما لا يعني مادمت احرص على النطق السليم الصحيح، فأنا أبيح التلميذ أن ينصب الاسم متى ظهر أنه ليس مسندا إليه ولا مسندا، ولا مستحقا للجر بالإضافة أو الحرف، وليس في الناس من

<<  <  ج:
ص:  >  >>