للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خاطئا، ثم ينسبون الكتاب إلى أنفسهم زورا وبهتانا. وهذه المسألة تعرف بالسرقة الأدبية. وهؤلاء هم لصوص الأدب. يريدون أن يقول الناس عنهم انهم من كبار المؤلفين الذين يرجع إليهم، وهي نزعة تخلو من الأمانة على كلا الحالين، فهم غير أمناء في نسبة موضوع إلى أنفسهم وحقيقته لغيرهم، وغير أمناء في نقل الفكر، ولو كانوا قادرين على النقل وحسن التعريب لأعلنوا ذلك.

والأمر الثاني أن يتجهوا إلى الترجمة الصريحة، وقد زادت هذه الحركة في الأيام الأخيرة ولكننا نرى المتصدين لها، أو اغلبهم، لا يحسنون التصرف ولا يجيدون التعريب، لقلة خبرتهم، ونقص علمهم بالموضوع، وعجزهم في كلتا اللغتين الأجنبية التي ينقلون عنها، والعربية التي ينقلون إليها.

ولكنه بريق الكسب يستهوي هؤلاء وأولئك فيدفعهم إلى التسرع، والسرعة كما قال الزيات في مطلع كتابه (دفاع عن البلاغة) إحدى آفاتها. وهي لعمري إن كانت مزية الحضارة الحديثة فهي آفة الإنتاج الجيد في كل شيء، ماديا كان أم معنويا، وهي في الآثار العلمية والأدبية اخطر.

كنا في صدر الشباب نحضر العلم في الجامعة المصرية على أستاذنا الدكتور منصور فهمي، ومن أقواله المأثورة التي لا يزال طلابه يحفظونها عنه ويروونها في المناسبات (اطلبوا العلم للعلم) وكان بعضنا يتحدث إليه في وجوب السعي لدى أولى الأمر في الحكومة ليفسحوا المجال للخريجين في الجامعة والحاصلين على إجازة كلية الأدب في وظائف الدولة، فكان يرد عليهم بقولته المأثورة (اطلبوا العلم للعلم). وما كنا في ذلك الوقت نحسن تفسير هذا الكلام أو فهم مراميه البعيدة. هل يطلب العلم للعلم وهل يفضل أحدنا العلم على المال؟ وهل يغني العلم وحده في سد مطالب الحياة؟.

لا نقول إن العلم سبيل الحصول على المال، ولو عكسنا القضية لصح المقال، إذ الواقع من التاريخ أن المال كان غذاء العلم، ولقد عاش العلماء في قديم الزمان على بذل الملوك والأمراء والأغنياء وما كنوا ينفقونه عن سعة في سبيل العلم، وأوقاف الأغنياء المحبوسة على مصلحة العلم والعلماء خير شاهد على ذلك. وكان العلماء من جهتهم زاهدين لا يحفلون بملبس أو مشرب أو مأكل لأن همهم كله منصرف إلى طلب العلم ولذتهم في

<<  <  ج:
ص:  >  >>