للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بدأنا به.

٢ - لا يرتضي تعريف العلماء للقصر الإضافي فيطالعنا هو بتعريف آخر دعاه إليه - فيما نظن - رغبته في أن يربط علوم البلاغة بعلم النفس وهو نوع من التجديد، ووجد انسب ما يلصقه بالقصر الإضافي هذا الذي يسميه علماء النفس (تداعي المعاني) فما يمنع أن يكون القصر الإضافي نظر فيه إلى هذه الفكرة النفيسة؟ والذي حفظناه من مشايخنا وقرأناه في كتب العلماء أن القصر الإضافي يكون حين تتمثل صفتان في ذهن، فد يعتقد اجتماعهما في موصوف وأنت تريد أن تبين له خطأ هذا الاعقتاد فيكون قصر الأفراد، وقد يعتقد ثبوت إحداهما دون الأخرى وأنت تريد أن تعكس عليه اعتقاده فيكون قصر القلب؛ وقد يحاور في أمر الصفتين فإذا اثبت له إحداهما ونفيت الأخرى كان قصر التعيين؛ فمدار القصر الإضافي إذن على صفتين أو أكثر في ذهن المخاطب وأمام بصيرته، وله فيهما اعتقاد، لكن الشيخ يقول: (وأساس القصر الإضافي ما يقرره النفيسون، ويسمونه تداعي المعاني، أي أن المعاني يرتبط بعضها ببعض بطريقة الضدية أو المناقضة أو المنافاة أو التلازم أو التكامل. والقصر الإضافي في الكلام قائم على إفراد معنى من المعاني لا على أنه لا يوجد سواه في الموصوف، ولكن على أساس أن تبعد سواه هذا عن تفكير المخاطب، أي أن هذا النوع حاجز بين الصفة التي تريد إثباتها للمتحدث عنه وبين ما يمكن أن يقفز إلى ذهنه من الصافات عند ذكر هذه الصفة، فمثلا تقول ما نريد إلا رياضي، فعند ذكر كلمة رياضي يحدث تداع في المعاني فتجول في الذهن صفات أخرى نحو مهندس. فلكي. موسيقي. مخترع. أديب. ولكن إذا قصرت وأتيت بالأسلوب على هذا النحو فقد أبعدت كل هذه الوجوه) وهذا كلام واضح وصريح في أن المقصود من القصر هو أبعاد ما عسى أن يجول بذهن المخاطب من الصفات التي تتصل بهذه الصفة المثبتة، وكأنه ليس عند المخاطب صفة ينكرها وأخرى يثبتها، وينبني على هذا - ولا شك - فساد في التقسيم الذي ذكره العلماء للقصر الإضافي. وقبل أن نرد على الشيخ نحب أن نذكر له ولمن يعيب علينا استدلالنا بكلام المتقدمين، أن الشيخ عبد القاهر رحمه الله، تنبه لهذه الفكرة، ولكنه لم يكن يعرف تداعي المعاني أو تناديها فلم يملأ الجو صياحا عجيج، يل مر يذكر المسألة في بساطة وسهولة فقال في كتابه دلائل الأعجاز (واعلم أن قولنا في الخبر إذا أخر نحو ما زيد

<<  <  ج:
ص:  >  >>