فلنبسط هنا بعض البسط، ولا نجد خيرا من أن نقص خلاصة هاتيك الكتب الستة التي تتألف منها القصة.
افتتح الشاعر الكتاب الأول بمناشدة إله الشعر أو الاهاته العون فيما هو بسبيله على عادة شعراء الملاحم عند بدء ملاحمهم، ثم يعرض الشاعر الموضوع كله فيذكر أول عصيان للإنسان وما يترتب عليه من إخراجه من الجنة حيث كان موطنه، ويشير إلى غواية الشيطان، ويذكر عصيانه وتمرده على خالقه واستطاعة ضم أكثر من قبيل من الملائكة إليه، حتى طرده الله من الجنة ومن اتبعه وألقى بهم في قرار من جهنم سحيق؛ ثم يصف الشاعر كيف كان هذا الهبوط من الجنة حتى يرينا الشيطان ومن معه في قرار الجحيم، في ظلمات بعضها فوق بعض؛ ويظل هؤلاء على وجوههم وعلى جنوبهم في هذا العماء زمنا يتقلبون في بحيرة هائلة تتلظى بالحمم واللهب وفي نفوسهم رهبة ودهشة مما أخذهم من صاعقة، ثم يفيق الشطان بعد لحظة من هذه الغاشية فينادي اقرب اتباعه من منزلة وأولهم بعده مكانة وهو يصلى النار الحامية إلى جواره ويتحاورون فيما أصابهم من هذا الهبوط؛ ويتكلم الشيطان الأكبر في الأباء والعناد والإصرار قائلا إنه لخير أن يحكم في النار من أن يخدم ويطيع في الجنة؛ ثم يدعو الشيطان اتباعه ولم يزالوا مكبين في النار على وجوههم فينهضون فيسوى صفوفهم ويعدهم للقتال ويختار من بينهم قادتهم وكبراءهم ثم يناديهم فيعدهم ويمنيهم باسترجاع مكانهم في الجنة وينبئهم بدنيا جديدة تخلق ونوع جديد من المخلوقات يدب فيها وكل أولئك يجيء وفق نبوءة أو نبأ ترامى إليه وهو في الجنة ولكي يعلم مبلغ ما تحقق من هذه النبوءة وماذا يكون موقفهم من هذه الدنيا يشير إلى مجلس ينتظمهم جميعا حيث ينظرون ماذا يفعلون! ثم يشير الشاعر إلى مأوى الشياطين أو قصر الشيطان الأكبر وقد استوى قائما منبعثا من أعماق العماء وهناك يجلس كبار شياطين الجحيم ليوافيهم اتباعهم ليتشاوروا فيما بينهم كما أراد كبير الشياطين أجمعين؛ وتتزاحم الشياطين على قصر رئيسهم وقد مدوا في اللهب اجتحتهم وملاؤا الجحيم حفيفا بهذه الأجنحة الممتدة، ثم يتساقطون جماعات جماعات حتى يضيق بهم القصر على سعته.
وفي الكتاب الثاني تبدأ المشاورة فيجلس الشيطان الأكبر على عرش هائل ويتحدث إلى اتباعه متسائلا هل هو خير لهم أن يشنوا معركة أخرى لاسترجاع الجنة التي اخرجوا منها