للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ويدعو كل من يحسن الرأي أن يتكلم بما يرى.

ويتتابع عدد الشياطين كل يدلي برأيه ويبسط حجته، فكانوا فريقين، فريق رأيه الحرب وآخر يخشى عاقبتها ولا ينصح بها، والشيطان الأكبر يوازن بين حجج كل فريق ولكنه لا يقطع أمراً، حتى ينبعث صوت بمقترح مؤداه أن يدعو الحرب إلى أمر أخر هو النظر في مبلغ صحة تلك النبوءة أو الرواية التي علمت في الجنة على خلق دنيا جديدة، ونوع أخر من المخلوقات يساوي الملائكة منزلة أو هو لا ينزل كثيرا عن مستواهم وهذا هو وقت خلقهم، وتتجه أفئدة الجميع إلى هذا المقترح وسرعان ما يجتمعون عليه، ولكنهم يحارون منذا يذهب في تلك الرحلة العظيمة العسيرة فيستطلع لهم ما يريدون؛ ولا تطول حيرتهم فهذا كبيرهم يعلن أنه يذهب وحده فيأتيهم بنبأ يقين، ويمجده الشياطين شاكرين له هاتفين به؛ وينتفض عن شياطينه المجلس فيذهب كل إلى حيث يقضي الوقت ريثما يعود كبيرهم من رحلته

ويطير الشيطان الأكبر فيقطع في رحلته أرجاء الجحيم حتى يأتي أبوابها فاذ١ هي مغلقة وعلى كل باب ثلاث طبقات من الحديد وثلاث من النحاس وثلاث من الحجر الصلد، وتحرس هذه الأبواب أنماط من الحرس هي في أشكالها أليق ما تكون بحراسة أبواب الجحيم، لا هي من الجن ولا من الوحوش ولا من الأفاعي وإنما هي مزيج من هذا كله ركب بعضه في بعض، وهي أشباح للخوف والوباء والموت، ويزجر الخوف الشيطان ويأمره أن يعود إلى مكانه في النار، ولكنه لن يزال يطلب أن يفتح له باب حتى يفتح له الموت بابا فيلج منه إلى خارج الجحيم في عسر شديد، ويرى مدى ما بين الجنة وجهنم من أمد، وما يزال الشيطان يسبح بأجنحته في العماء في عناء وعسر حتى يصبح بمرأى من الدنيا الجديدة فتقع عليها عيناه.

(يتبع)

الخفيف

<<  <  ج:
ص:  >  >>