لتكون دماء أبنائها فداء ً للدم البريطاني الطاهر المقدس.
أيتها العرب احذري. . . احذري هذا المصير الذي يرادُ لمصر لا قدر الله أن تصير إليه. ولئن كان هذا يومنا نحن، فغداً يومكم ليُعرض عليكم مثل الذي عُرض علينا، لتكون لكم (لجنة دفاع مشترك) كلجنتنا نحن، فاحذري أيتها العرب، ولا تقري بينك وبين بريطانيا معاهدةً أبداً، فإن بريطانيا تريد بجمعكم اليوم على مثل هذه المعاهدة، كالذي أرادته بكم جميعاً يوم وطئت أقدامها أرض مصر في سنة ١٨٨٢، تريد أن تمزقكم بعد أن تكونوا وقوداً لنيران الحرب الثالثة.
أيتها العرب احذري. . . فإذا كنت نازلة في ميدان الحرب الثالثة فأنزليها حرة لتموتي حرة، ولكن لا تلقي بفلذات الأكباد في أتون الحرب المسعورة، ليكونوا هناك عبيداً ويموتوا عبيداً، كما تريد المعاهدات الإنجليزية بنا وبأبنائنا وبناتنا وأوطاننا.
أيتها العرب احذري. . . لقد لبثتْ إنجلترا لكم وعليكم وتنشئ أجيالاً من الخلق صاروا لها صنائعاً وأعواناً، أرادوا ذلك أم لم يريدوه، وعرفوه أو جهلوه، وعين إنجلترا بصيرة نافذة فعي تختارهم وتمهد لهم، وتحملها بسلطانها وبحيلتها وبتهديدها حتى ترفعهم إلى الذروة التي تجعلهم أهلا للمكانة في بلادهم، ثم لا تزال تعمل هنا وهناك بأنامل بصيرة قادرة متدسسة حتى يتم اختيارهم، فيتولوا هم زمام هذه الشعوب المسكينة، ثم تقول لهم كما قال الأول:
فعِثْ فيما يليك بغير قصدٍ ... فإني عائثٌ فيما يليني
وإذا هؤلاء المساكين الذين ارتفعوا إلى غير أقدارهم ومنازلهم يكيدون لأممهم من حيث يشعرون أو من حيث لا يشعرون، وإذا سياسة الأمم الناهضة في أيد لا تُحسن إلا العيث والفساد، ومصائرها على ألسن لا تُحسن إلا التغرير والدهان والممالة.
أيتها العرب احذري. . . ودعي المفاوضة بينك وبين بريطانيا حتى ترد إليك كل حقوقك كاملة غير منقوصة ولا متهضَّمة، فإذا فعلتْ فانظري في مراشدك. أما إذا قال لك هؤلاء: وماذا تفعلين أيتها العرب إذا لم تفاوضي إنجلترا وتعاهديها؟ إذا ألقوا إليك هذا السؤال العاقل الحكيم الذي يفرض عليك أن تتركي نصيباً من الحرية من أجل كواذب الآمال والوعود، فأعلمي أن هذا التعاقل (الشديد) فسادٌ في الطبائع التي تلقيه عليك: