إن القراء يثقون بهم إلى حد، وهذه الثقة تدعو إلى ترحي الدقة، فلا يفتنون بغير علم، أو بعلم ناقص، فتلك تبعة ثقيلة على الرقاب.
وأنا واثق أن بعض الذين كتبوا عن كتاب الأغلال، ما كانوا ليكتبوا لو أنهم أولاً قرءوا الكتاب كله ولم يكتفوا بتصفح بعض فصوله، ثم لو أنهم ثانياً كانوا قد قرءوا كتاب الأستاذ عبد المنعم خلاف، مهما تكن حيلة الرجل بارعة ومهارته في الدعاية قوية.
وقبل أن أنهي هذه الكلمة أوجه إلى فريق آخر من المتزمتين لم يقابلوا الكتاب هذه المقابلة، بل ثاروا عليه وناهضوه وشغلوا أنفسهم بالاحتجاج عليه. وقيل لي: إن بعضهم أخذ يؤلف كتباً في الرد عليه.
هؤلاء يشاركون - من غير قصد - في الضجة المفتعلة التي يثيرها الرجل حول كتابه وحول نفسه.
هونوا على أنفسكم، فالدنيا بخير!
لقد ترددت مرة ومرة في أن أكتب عن هذا الكتاب التافه المريب؛ لأن كل ضجة حوله تبلغ الغاية التي أرادها له صاحبه ومن يهمهم نشر مثل هذه الكتب في اشرق العربي الناهض لمجاهدة الاستعمار.
ولقد كان رجال الإرساليات التبشيرية في الشرق يتعمدون إثارة الضجيج حول حوادثهم في مصر منذ سنوات، في خطف بعض الفتيات والفتيان، ليبرهنوا للجمعيات التي أرسلتهم أنهم ذوو خطر، وأن لحركاتهم في دار الإسلام صدى.
أقول كانوا يتعمدون إثارة الخواطر، بافتضاح الحوادث ليبلغوا هذه الغاية، وصاحبنا في طرائقه ليس ببعيد عن هؤلاء.
فلا تبلغوه غايته من وراء الضجيج والصياح! إنكم أناس طيبون أيها المتزمتون. فلا عليكم من الكتاب والكاتب.
ضجة فارغة حول كتاب مريب أمطرتنا دور الدعاية بعشرات مثله في أيام الحرب. دعوه ليموت فأنه ميت، ولن تنفخ فيه الحياة ضجة مفتعلة منشؤها الخداع والإيهام.
ولولا أن أنفي عن النقد في مصر تهمة الغفلة ما كتبت هذه الكلمات.