الأسبوعية، وهذا العيد السنوي، في لندن أو باريس أو روما أو برلين، ولا نقول في القاهرة أو دمشق أو بغداد؟
أيخطر على البال أنه لا يرى في الأمر عجباً ولا يحار كما حار صاحبه من إحياء هذه الأعياد بين المسلمين في العصر الحديث؟
أيخطر على البال أنه سيرى الأمر طبيعياً مألوفاً لا يوجب التساؤل ولا يتطلب التفسير؟
كلا. فإن حيرته لأصعب، وإن عجبه لأعجب! لأن الخامس والعشرين من شهر ديسمبر لم يكن قط عيد الميلاد في القرن الأول ولا في القرن الثاني ولا في القرن الثالث للسيد المسيح
ولم يكن يوم الأحد قط يوماً يحتفل به المسيحيون في تلك القرون الأولى
بل كان يوم الأحد قط يوماً يحييه عباد الشمس، لأنه كان عندهم يوم الشمس كما يسمى بالإنجليزية إلى اليوم
وكان اليوم الخامس والعشرون من شهر ديسمبر هو يوم انتصار الشمس على أعدائها الثائرين عليها، وهم أرباب الظلام.
ففي هذا اليوم - كما ظهر لهم من حسابهم - يأخذ الليل في القصر ويأخذ النهار في الطول، وفي هذا اليوم - على هذا الاعتبار - ترتد جيوش الظلام أمام جيوش النور، وترجع للشمس حصتها الوافية من الزمن، فلا يسلبها الظلام حصتها من الملوين.
فكان المصريون يحتفلون في هذا الموعد بعيد حوريس، وكان اليونان الأسيويون يحتفلون فيه بعيد مترا إله النور، وكان الرومان يقيمون في الأسبوع كله - من اليوم السابع عشر إلى اليوم الرابع والعشرين - عيدا يسمونه ويتبادلون فيه الهدايا ويقدمون القرابين إلى الأرباب
ولم تتفق كلمة الكنيسة الغربية على الاحتفال باليوم الخامس والعشرين من شهر ديسمبر إلا في منتصف القرن الرابع للميلاد. أي سنة ٢٥٤.
وكان رؤساء الكنائس قبل ذلك يرون أتباعهم يقبلون على محافل الوثنيين في تلك الأعياد فيصرفونه عنها ويحببون إليهم أن يشهدوا الصلوات تكريماً للسيد المسيح بدلاً من شهود المقاصف والملاهي ومعابد الوثنية التي تفتنهم عن الأيمان الصحيح.