ولكنهم لم يفعلوا ذلك لأنهم يثبتون تاريخ الميلاد ويوم الاحتفال، بل لأنهم يرون السيد المسيح أحق بالتكريم والذكرى من مترا وحوريس والشمس وغيرها من الكواكب. ثم تدرجوا إلى الاحتفال بميلاد السيد المسيح بديلا من ميلاد تلك الأرباب.
على أن المتطهرين الذين اشتهروا باسم (البيوريتان) في البلاد الإنجليزية حرموا الاحتفال باليوم الخامس والعشرين من شهر ديسمبر واستصدروا بذلك قرارا من البرلمان سنة ١٦٤٤، وعللوه باستنكارهم لإحياء السنن الوثنية القديمة، واستندوا إلى التواريخ الإغريقية والرومانية القديمة وإلى تاريخ الإنجليز أنفسهم قبل التدين بالديانة المسيحية. فقد ذكر مؤرخهم الكبير بيد الملقب بأبي التاريخ الإنجليزي أن القبائل الإنجليزية الأولى كانت تحي ليلة الخامس والعشرين من ديسمبر وتسميها ليلة الأمومة لأنهم كانوا يقيمون احتفالهم بها قبيل الفجر استقبالا لمولد النور وهو في باكورة أيامه، ولم يكن (بيد) من المخالفين للكنيسة بل كان من كبار رجال اللاهوت، وعاش في القرن السابع للميلاد بين القساوسة والرهبان.
فعادات اليوم الخامس والعشرين من شهر ديسمبر مزيج من عادات عشرين أمة أو تزيد، وبعض هذه العادات سابق لمولد السيد المسيح وبعضها لاحق له بل متأخر إلى أيام القرون الوسطى.
فأما العادات السابقة فقد ألممنا بطرف منها فيما تقدم.
وأما العادات اللاحقة فمنها عادات الشجرة التي تسمى بشجرة عيد ميلاد وهي من شعائر البلاد الشمالية ولاسيما بلاد الجرمان.
ومنها عادة تعليق الجوارب إلى جانب الفراش وهي مأخوذة من الفرنسيين والبلجيكيين.
ومنها تسمية القديس الذي يطوف بالهدايا على الأطفال وهم نائمون، وهي مأخوذة من الهولنديين. واسم القديس سانتا كلوز من أسماء التدليل والإعزاز للقديس نكولا الذي سجنه القيصر دقلديانوس وأطلقه القيصر قسطنطين. . فليس هو من الهولنديين في أصلة ولا من الأوربيين على التعمم؛ لأنه من أبناء آسيا الصغرى على أشهر الأقوال، واسمه كلوز هو الاسم الذي يستخف على ألسنة الأطفال الصغار للتدليل والتحبيب.
شيء من آسيا الصغرى، وشئ من فلسطين، وشئ من هولندا، وشئ من أوربة على