الاجمال، ويحتفل به المشارقة والمغاربة في آسيا وأفريقية. . . ومنهم مسلمون.
فأي دواء لعصبية العادات والشعائر أصح من هذا الدواء؟ وأي سخف في العقول أسخف من عداوة إنسان لإنسان أو أمة لأمة لاختلاف عادة يقال إنها عادة دينية، وقد رأينا كيف يشترك اليوم الواحد في احتفال عباد الشمس وعباد حوريس وعباد الله وعباد سائر الأديان بين سائر الأقوام؟
ومن الطريف أن أناسا من هنود أمريكا الحمر تعودوا أن يقطعوا الجبن في ليلة عيد الميلاد ولا يدرون فيم هذه العادة حين يسألون عنها.
ولكن الإنجليز حملوها معهم إلى القارة الأمريكية فأصبحت من العادات الاجتماعية التي لا علاقة لها بشعائر الدين.
وهل لها مع ذلك علاقة بالدين عند الإنجليز أنفسهم قبل الهجرة إلى القارة الأمريكية؟
كلا. . بل هي من بقايا عادات (القلت) التي كان يباشرها كهانهم المعروفون باسم الدرود. . وكانوا يباشرونها قبل غزوة الرومان للجزر البريطانية.
وأطرف من هذا في باب تسلسل العادات أن ولائم هذا العيد لا تخلو في الشرق والغرب من الديك الذي يسميه المصريون بالديك الرومي، ويسميه أهل الصعيد منهم بالديك المالطي، ويسميه الإنجليز بالديك التركي، ويسميه الفرنسيون بالديك الهندي ' ومنها أخذنا كلمة (الدندي) التي نسمي بها هذا الديك في بعض الأحيان.
فما علاقة هذا الديك الموزع الأسماء بين الأمم بعيد ميلاد السيد المسيح؟
أكان له شأن في قرابين عيد الميلاد التي اصطلح عليها المسيحيون الأسبقون؟
لم يكن له شأن قط بذلك العيد بين المسيحيين الأولين. بل لم يكن معروفا في الدنيا القديمة قبل كشف القارة الأمريكية. لأنه كان من طيور أمريكا الشمالية، ونقل منها إلى جنوب أوربة فأخطئوا في نسبته إلى الشرق، كعادتهم يومئذ في نسبة كل وارد جديد إلى البلاد الشرقية.
ومع هذا يراه السائح الغريب حتما على مائدة الشرقي والغربي في ليلة عيد الميلاد، فيحار ولا يرى آخر الأمر مناص من نبذ الحيرة ظهريا في أمثال هذه الشؤون.
فالعادات الاجتماعية وراثة بين البشر أجمعين، وقلما تنحصر عادة من عادات المحافل