لأن الميدان خال بل مقفر. وسترى في البلاغة التي تزاول درسها هنا مثلا لذلك بينا) وإذن فالشيخ أمين لم يصنع شيئا في هذه المدة الطويلة، ولم يصنع غيره كذلك لأن الميدان (خال بل مقفر) فهل يكون هذا الكتاب الذي يخرجه هو العمل المرجو في تجديد البلاغة؟ هذه محاضرات ألقاها في معهد الدراسات العليا، وقد وصلني منها ١٢٠ صفحة، وباقيها في المطبعة كما أظن، وكان من حق الشيخ علينا أن ننتظر حتى يتم طبع المحاضرات، ولكنا نقول هنا كلمة ولا يزال الباب مفتوحاً، مائة وعشرون صفحة هي مقدمة لعمل تجديدي في البلاغة، فماذا تناول فيها؟ تحدث في أربع عشرة صفحة عن التفسير الحيوي والاجتماعي لفكرة إنشاء المعهد، ثم التفت إلى ما كان نشره من محاضرات ومقالات فأعاد نشرها بشيء من البسط والإسهاب، فتكلم عن نشأة البلاغة عن منهج دراستها عندنا وعند غيرنا، وتحدث عن اللغة العامية واللغة الفصحى ومشكلات اللغة الفصحى كل ذلك في هذا العدد الضخم من الصفحات اعتبره مقدمة لكتابه. أليس ذلك حسنا؟ لقد ذكروا أن أحد الرجاز أتى نصر بن سيار والى خراسان ومدحه بأرجوزة تشبيها مائة بيت ومديحها عشرة أبيات، فقال نصر: والله ما تركت كلمة عذبة ولا معنى لطيفا إلا وقد شغلته عن مديحي بتشبيبك. وأنا أرجو ألا كون كتاب (فن القول) كهذه الأجوزة.
لكن جزءا من دعوة الشيخ أمين قد تحقق، فقد أخرج الأستاذ أحمد الشايب كتاب (الأسلوب) وتكلم فيه عن كل المباحث التي دعا الشيخ إلى تناولها، فهل هذا الكتاب عمل تجديدي؟ لننظر. والذي نراه أن الأستاذ الشايب عمد إلى جهات ثلاث فاختطف منها كتابه.
(١) ترسم خطى أرسطو في خطابته، فقد تحدث هذا عن الأسلوب وقيمته ووضوحه وصفاته الخاصة، والشروط العامة للأسلوب، وفتور الأسلوب وسلامته وشروط ذلك، وشرح ثراء الأسلوب وبسطته ووسائط ذلك، كما بين الأسلوب الكتابي والأسلوب الخطابي والأسلوب الشعري والأسلوب النثري وتحدث عن اختلاف الأسلوب باختلافات الموضوعات وغير ذلك.
(٢) سطا على أبحاث المتقدمين من أمثال عبد القاهر والجاحظ وقدامة وابن رشيق والآمدى وصاحب المثل الثائر والقلقشندي فاختطفها اختطافا، وحسبك أن ترجع إلى ما كتبه العمدة عن فنون الشعر، وما كتبه قدامة في نعت الوصف ونعت الهجاء ونعت الرثاء ونعت