نشر دعوتهم ونظرياتهم في الدين. لذلك شهر المعز لدين الله الفاطمي سيفه في وجه العباسيين، وطعن الخلافة في مصر والشام والحجاز واليمن، ومنع الناس في هذه الأرجاء لبس السواد شعار العباسيين، وخطب له ولحلفائه على المنابر، وارتفع صوت المؤذن منادياً:(حيّ على خير العمل)، وهو آذان خاص بالفاطميين كما ظهر بطبيعة الحال كفاح وتنافس وحزازات بين الدولتين شأن كل قوتين تعتقد كل منهما أنها أحق بالخلافة والسلطان دون الأخرى. وسنلخص العلاقة بين هاتين القوتين المتزاحمتين في ثلاث مراحل:
الأولى - تبدأ حيث عاصرت فيها الدولة الفاطمية عظماء بني بويه وهم المتربعون في الحكم في بغداد والمتغلبون على الخلافة العباسية فيها.
الثانية - التي عاصرت فيها الدولة الفاطمية البويهيين إبان ضعفهم.
الثالثة - التي عاصرت فيها الدولة الفاطمية الدولة السلجوقية التي انتزعت الحكم من الدولة البويهية.
الفترة الأولى:
تبدأ من سنة ٢٥٨هـ وهي السنة التي دخل فيها الفواطم مصر إلى سنة ٣٧٢هـ أي إلى موت عضد الدولة البويهي آخر عظماء البويهيين. . استولى الفاطميون على مصر والشام ومست حدود الدولة الفاطمية أملاك العباسيين التي كانت آنذاك تحت رحمة البويهيين وهم الذين ملكوا زمام الدولة وصارت بيدهم مقاليد الأمور منذ سنة ٣٣٤هـ أو سنة ٩٤٥م. فاسمهم يقرن باسم الخليفة العباسي في خطب المساجد، وتضرب الدفوف أمام القصر الملكي البويهي في الضُحى والعشى، وهذا تكريم لم يكن يحظى به غير الخليفة من قبل، والبويهيون متشيعون كالفاطميين بل من الشيعة الغالية التي لا تعترف بالخلافة العباسية رغم سيطرتها عليها. بل وتعتبرها مغتصبة من العلويين الذين هم أحق بها في نظرهم، ولذلك في مناسبات عدة يعملون دائماً على إذلال الخليفة العباسي وإشعاره ببطلان خلافته؛ فمثلا الخليفة القاهر عُزل والمستكنى سُمل والطائع أهين، والمطبع عزل حتى قال ت. و. أرنولد في كتابه الخلافة:
ومعنى هذا أن الفواطم حينما امتد ملكهم شرقاً وجدوا تشيعاً في بغداد، ومركز الخلافة