للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العمل الفني في الاحتفاظ لهذا التصوير بالحرارة التي صاحبت الانفعال، وأما من يلقى الحقيقة الأخيرة التي انتهى إليها من تجربته فإن عمله يفقد المتعة الفنية ولا يستثير الحس والخيال بالمشاركة الطويلة المفصلة

وأن التعبير الذي يرسم للمعنى صورة أو ظلا أدنى إلى الفن من التعبير الذي يلقى المعنى مجرداً.

وأن الشعر يستمد معظم مؤثراته وانفعالاته من وراء الوعي (وكلما فاض الشعور فطغى على الوعي، وانطلق يستمد من الرواسب النفسية ويستوحي الظلال الشعورية، كان يجري في ميدانه الأصيل، وينشئ أجل آثار، وذلك مع عدم إغفال مقومات الشعر الأخرى من عمق وسعة اتصال بالحياة ونفاذ إلى الأسرار الكونية الخالدة).

وبعد النقد العام بحثان: (النفس الإنسانية في الشعر العربي) و (والطبيعة في الشعر العربي) ثم يمضي الأستاذ إلى الكتب والشخصيات على ضوء الأسس العامة السابقة وما يشع من تفصيلات وفروع. وهو يعني في معظمها بالشخصيات أكثر من الكتب، فكثيراً ما يبدأ بتسليم (مفتاح الشخصية) دون أن يبين كيف ضع هذا المفتاح. ولعله يرمي بذلك إلى عرض نتيجة دراسته للشخصية في مختلف آثارها، ثم يسير مع القارئ في الكتاب الذي ينقده. وهذا يفسر اهتمامه بالشخصيات أكثر من الكتب، على أن حظه من التوفيق في إبراز الشخصية كان أكثر في الشخصيات التي جال في أنحائها ودهاليزها وحجراتها قبل أن يعطى (مفتاحها).

وقد تجلت براعة الأستاذ سيد خاصة في أكثر الموازيات التي قام بها بين الشخصيات ومؤلفاتها، كما صنع بين الدكتور طه حسين والأستاذ توفيق الحكيم، وقد خص الثاني بقسط كبير من عنايته في تحليله وتبيين سماته وملامحه.

والجانب الذي يوجه إليه الأستاذ سيد أكثر همة في الأعمال الأدبية، هو الصور والظلال، فهو يجسم أهميتها في فصول النقد العام، ويتلمسها عند كل أديب، ويجعلها أكبر (صنجة) في الميزان، وله ألمعية نافذة في الوقوف والدلالة عليها.

وقد أجاد في تطبيق أسس النقد في العام على الأمثلة التي اختارها لولا (شنشنة) ما كنا نود أن يكون (أخزمها) فقد حرص في كل فصل من الفصول الأولى، عند ذكر ميزات وقيم

<<  <  ج:
ص:  >  >>