- وتبعاً لهذا في قيمتها الفنية - من سابقتها (خان الخليلي).
رواية خان الخليلي أضيق في محيطها الداخلي ولكنها أوسع في محيطها الخارجي. أضيق في المجال الذي تعالجه وتضطرب فيه حوادثها. فهي قصة أسرة تفر من الموت بالقنابل فيخترم الموت أجمل زهراتها بلا قنابل! وقصة قلب إنساني شاخ قبل الأوان فانطوى على نفسه ورضى بنصيبه، فإذا الأقدار تخايل له بقطرة ندية فيندى، ثم تجف هذه القطرة قبل أن تبلغ فاه. يرشفها منه أعز إنسان عليه: أخوه المستهتر السادر. وحينما يجد هذا المستهتر ويقومه الحب العميق، تخطفه الأقدار فيموت!
ولو استأنت الأقدار لحظة هنا أو هناك، ولو تغير خيط واحد في ذلك المنوال الأبدي لتغير وجه الحياة.
أما رواية (القاهرة الجديدة) فتعالج جيلا وتصور مجتمعاً. ومجالها مع هذا أضيق من مجال (خان الخليلي!).
في (خان الخليلي) ننتهي من الرواية لنجد أنفسنا أمام رواية الحياة الكبرى: الإنسانية والأقدار، الضعف الإنساني والقوى الكونية، أشواق الناس وأهدافهم أمام الغيب المجهول.
وفي (القاهرة الجديدة) نبدأ وننتهي، ونحن أمام جيل من الناس ومجتمع قابل للزوال، فلا تبقى إلا بعض الملامح الإنسانية الخالدة.
المجال هناك أوسع لأنه خالد بخلود الإنسان، والقيمة الإنسانية هناك أكبر، وهي جزء من القيمة الفنية له أثره في وزن الرواية، وراء المهارة الفنية في العرض والتنسيق والاختبار.