وهو خطيب مصقع إذا تحدث (مرتجلا) ظننته يغترف من بحر، وإذا (أملى) حسبته يستلهم من وراء الغيب. واليك أبياتا من شعره، تلمس فيها الكثير من سخطه، وتتحسس بين ثناياها يأسه المرير وهي قوله:
ولما رأيت الناس ضلت حلومهم ... فلا أحد يهدِي ولا أحد يهدَى
وشمت وجوه الناس قد غاض ماؤها ... فلا وجنة تحمر أو جبهة تندى
وأما نثره فإنه يحلق فيه إلى الذروة، وإليك بعض ما يقوله في كلمة عنوانها (الضحايا) يفتتح بها عدد العيد الممتاز الصادر في صباح (١٥) آذار (مارس) عام ١٩٣٥ وقد جاء فيها:
(إذا خلا وجه الدهر لأمة، فبسطت على العالم أجنحتها، وسلكت الشعوب بدينها ومدنيتها، وحشرتها فيها كأن لم تكن من قبل ذكرت، وإذا ملأت أمة الماء عوائم، والهواء حوائم، والأرض ذوابل وصوارم، والتاريخ جسائم وعظائم، حقت بالعيد وجدرت، وقمنت بالفخر إذا افتخرت. . . ليس العيد أن تلبس كفنك، وتعبد وثنك، وتجر في باطلك - سادراً - رسنك. وليس العيد ثوباً تستغشيه، وعملا تؤديه، أو مثالا تحتذيه. وإنما العيد حظ الروح، وسمو القلب، وإنما العيد فجوة ما بين جزأي التاريخ، من كد وجهاد، وراحة وجمام)
وهنالك (أيضاً) من الأدباء الصحفيين الأستاذ منيف الحسيني صاحب جريدة (الجامعة العربية)، ثم الأستاذ عبد الله القلقيلي صاحب (الصراط المستقيم)، ثم الأستاذ عيسى بندك صاحب جريدة (صوت الشعب).
وهنالك جرائد محتجبة كثيرة كان يساهم في تحريرها أدباء بارزون أذكر منها:(الكفاح) و (اللواء) و (الشباب) و (المطرقة).
وقبل أن أختتم الحديث في هذا الفصل لا بد لي من أن أشير إلى أديب فلسطيني اتخذ القاهرة له داراً، وأسس فيها جريدته:(الشورى) ثم جريدته (الشباب)، وقد توقفتا كلتاهما، بعد أن كافح فيهما ونافح وجاهد جهاد الأبطال، وذلك الأستاذ هو الأديب المجاهد (محمد علي طاهر) ردّ الله غربته.