ويجمل الشرب في قطربل على الورد في نيسان، لأن شرابها عتيق، وليشرب الأغمار من العسل:
اشرب على الورد في نيسان مصطحباً ... من خمر قطربل حمراء كالكاذي
واخلع عذارك لا تأتي بصالحة ... ما دمت مستوطناً أطراف بغداد
نعم شبابك بالخمر العتيق ولا ... تشرب كما يشرب الأغمار في ماذى
وما كان يطيب المقام لأبي نواس في موضع من مواضع القصف والفتك على كثرتها إلا بقطربل فإنها كانت منقلبه ومرجعه.
ذكر ياقوت في الكلام على القفص بعد ما عرف بهذا الموضع، وذكر ما قيل فيه من الأخبار والأشعار قصيدة لأبي نواس هي:
رددتني في الصبى على عقبي ... وسمت أهلي الرجوع في أدبي
لولا هواؤك ما اغتربت ولا ... حطت ركابي بأرض مغترب
ولا تركت المدام بين قرى الكر ... خ فبُورى فالجوسق الخرب
وباطُرنجي فالقفص ثم إلى ... قطربل مرجعي ومنقلبي
ولا تخطيت في الصلاة إلى ... تبت يدا شيخنا أبي لهب
وذكر ياقوت هذا الموضع في الكلام على (بنا) وأورد قصيدة لأبي نواس فيها وصف جميل لخمر قطربل يجمل أن نضعها بين يدي القراء هي:
سقيا لبنا ولا سقياً لعانات ... سقياً لقطربل ذات اللذاذات
وإن فيها بنات الكرم ما تركت ... منها الليالي سوى تلك الحشاشات
كأنها دمعة في عين غانية ... مرهاء رقرقها ذكر المصيبات
تنزو إذا مسها قرع المزاج كما ... تنزو الجنادب أوقات الظهيرات
وتكتسي لؤلؤات من تعطفها ... عند المزاج شبيهات بواوات
مر ذكر هذه القرية في مواطن كثيرة من شعر أبي نواس غير ما ذكرنا. ويجمل بنا أن نثبت أخيراً هذه القصة التي ذكرها الصولي عن بعض بني نوبخت ورواها ياقوت في معجمه قال: لما انصرف أبو نواس من مصر في طريقه إلى العراق، اجتاز بمدينة حمص، فرأى كثرة خماريها وشهرة شرابها. فأقام بها مدة يغتبق ويصطبح، وكان بها خمار يهودي