همي، وإنما أقصد أن المعضلة هي مسألة هؤلاء الكبار. أما أولئك المحتبطون فأمرهم ليس بذي بال، فسينكشفون عن الأدب بتنبيه القراء إلى زيفهم، وأما كبارنا - ولهم في الأدب والنتاج القيم ماض مجيد وبلاء محمود - فيظهر أنهم قد اغتروا بذلك واطمأنوا إليه وحسبوا أنهم بلغوا نهاية الشوط فأخلدوا إلى الراحة من عناء الدراسة والإجادة والإيجاز. . . واستسهلوا الإكثار واستهواهم كسبه.
ولا أنكر على حملة القلم أن يكسبوا من كده ما يمكنهم من العيش الكريم، بل أرى ذلك باعثاً على الإنتاج الأدبي ومشجعاً عليه، ولكنا نريد جودة النتاج وعدم الذهاب إلى جشع التجار.
أدباء العروبة
لعلك قرأت في الصحف أخيراً أنباء أو نشرات عن جماعتين تسميان باسم واحد هو (جامعة أدباء العروبة) ولا بد أنك إذن عجبت، فهو أمر يدعو حقاً إلى العجب! على أن الأعجب منه أن تتصفح ما تتضمنه هذه النشرات من الأسماء فلا تجد بينها (معرفة) في الأدب عدا واحدا أو اثنين من غير الصف الأول!
في أوائل هذا العام دعيت إلى تأليف جماعة أدبية قيل لي - فيما قيل - إنها ستؤلف من أدباء البلاد العربية، فلبيت، وأنا وإن كان بي انقباض عن المجتمعات إلا أنني مصاب بحب الاستطلاع، فرأيت هناك أفراداً من مصر، لقليل منهم بعض النشاط الأدبي، وبعضهم من المتخلفين في الأدب، وسائرهم إما غني (يدفع) أو صاحب (مكان وتلفون) أو مخبر في جريدة ولكل وجهة، وتلتقي الوجهات كلها عند الرغبة في التسلق. . . ووقع الأختيار على رجل كبير، معروف - إلى جانب صفته السياسية بالشغف بالأدب ومودة الأدباء، هو معالي إبراهيم دسوقي أباظة باشا الذي تفضل فشمل الجماعة بعطفه. . .
وشرعت (جامعة أدباء العروبة) في العمل، وماذا سيعملون؟ حملهم رجل كريم في سيارات إلى القناطر الخيرية ليجتلوا الربيع هناك ثم إلى الأهرام ليناجوا القمر. . . ومكن لهم معالي الوزير من إسماع لم (يقفلوا الراديو!)
ومنذ شرعوا في العمل ظهر بينهم شيء من (مفرزات مركب النقص) ما كدت ألمحه حتى نجوت بجلدي. . . وظل (مركب النقص) يعمل حتى تنازعوا وانقسموا إلى فريقين: فريق ما يزال في كنف معالي دسوقي باشا، والآخر قد اختار لرياسته الأستاذ عبد الحميد عبد