١ - قال: إنني قررت في كتابي أن الأدب العربي (يغلب عليه طابع المعاني العامة المتبلورة، والقضايا الذهنية الكلية، ويطالع القارئ بنتيجة التجربة النفسية لا بطريقتها التي تشغل الحس وتستثير الخيال، وهو فقير في الصور والظلال. . الخ) ثم قال: (والأستاذ سيد يطلق هذه القذائف في وجه الأدب العربي، ثم يخلو إلى قطع مختارة من الآداب الغربية والهندية والفارسية معظمها من كتاب (عرائس وشياطين) للأستاذ العقاد فيعكف على ما فيها من الميزات التي جرد منها الأدب العربي، ويأتي من الشعر العربي بما يراه مجرداً من اللحم والدم. . . وهذا صنيع عجيب لأن القطع غير العربية التي أتى بها مختارة، والأستاذ سيد لم يطلع على كثير غيرها في آدابها. . . الخ) وكان فيما قاله! (وقد أجاد في تطبيق أسس النقد العام على الأمثلة التي اختارها، لولا (شنشنة) ما كنا نود أن يكون (أخزمها) فقد حرص في كل فصل من الفصول الأولى عند ذكر ميزات وقيم الفنون على أن يجرد أو ينقص نصيب الأدب العربي منها)
فأحب أن أقول للأستاذ: إنه ليس بيني وبين الأدب العربي عداوة تحملني على أن (أحرص) على تجريده من المزايا. فثقافتي عربية ودائرة بحوثي على وجه عام هي الآداب العربية. ولكنني (ناقد) يجمع الخصائص ويقدر القيم ويضع القواعد. فإذا لاحظت من مجموع دراستي فقر الشعر العربي في الصور والظلال بقدر احتشاده بالمعاني والأفكار - كما قلت - فإن محبتي للأدب العربي لا يجوز أن تقف بي عند تقرير هذه الظاهرة بإخلاص.
أما مدى دراستي للشعر العربي وهي التي تخول لي إصدار هذا الحكم، فتلك مسألة بيني وبين ضميري الأدبي، وأنا مستريح من هذه الناحية. ولعل مما يطمئن الأستاذ أن لي بحثاً كاملا عن (الصور والظلال) في الشعر العربي رجعت فيه إلى كل ما يملك فرد أن يرجع إليه من مصادر الشعر العربي، وهذا البحث لم ينشر بعد ولكنه بين يدي. والإحصاء الدقيق النسبي يقرر هذه القاعدة التي قررتها عن الشعر العربي بدون حاجة إلى الموازنة بين هذا الشعر والشعر العالمي الذي قد تنقضي مصادره على نحو واسع.
وأحب مرة أخرى أن أقول للأستاذ أنني في الموازنة التي قمت بها لم يكن كل اعتمادي ولا جله على مجموعة (عرائس وشياطين) ففي المكتبة العربية الآن مجموعة من الشعر