للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ولطالما خيل إلي - وأنا أجول بين شخوص تيمور - أنني في (متحف الشمع)، فتماثيل الشمع هي التي تمثل هذه الشخوص أوضح التمثيل. . .)

(ويحاول تيمور أن يرسم نماذج بشرية من خلال شخصيات محلية، وهي محاولة لو أفلحت لأنشأت فنا إنسانيا رفيعا؛ ولكنه فيما يخيل إلي بعيد كل البعد عن (الناس) وعن البيئة. فالناس - حيث كانوا - لا يتصرفون هذه التصرفات مجتمعة. والناس في مصر ليسوا كما يتوهمهم المؤلف لا في طبيعتهم ولا في أحاديثهم، ولا في خلجاتهم النفسية ولا في سمة من السمات المحلية الكثيرة التي تبرز طابعهم. إنهم ليسوا مصريين لأنهم ليسوا آدميين)!

هذه هي المآخذ الأساسية: فقدان الحياة. أما حكاية الصخب والعربدة فقد جاءت في كتابي هكذا:

(إنه لا يخطر لهذه الشخوص - مرة واحدة - أن تنفعل انفعالا قويا - كما يقع للآدميين - وحتن تنفعل يبدو التكلف والبعد عن الحقيقة البسيطة. . .)

(والحركة العنيفة ليست مطلبا في ذاته؛ ولكنها علامة من علامات الحياة تصدر من البنية الحية في ميعادها فتدل على الحياة الكامنة فيها).

هكذا قلت. وأحسبني كنت أعرف هذه البديهية الواضحة.

إن (تيمور بك) يجد دائماً وفي كل عمل يعمله من يشيد بفضله على الفن، ومن يصعد بفنه إلى السماء. دائماً دائماً يجد من يقول له هذا. فإذا وجد ناقد يملك أن يتخلص من كل الملابسات ليقول مرة واحدة كلمة حق، فيجب أن يكون لهذا الكلمة مكان في وسط التعاويذ والرقي ومجامر البخور!!!

وإلا فأسباب المودة الآسرة التي تربط تيمور بك بنقاده جميعا كانت كفيلة بأن تنطقني بغير ما نطقت. فأنا أتمتع بها والحمد لله. وليس هناك ما يدعوني ألا أنصف ذلك الرجل الوديع الودود.

وبعد فشكرا للأستاذ عباس حسان خضر على جميع الحالات.

سيد قطب

<<  <  ج:
ص:  >  >>