والحق والعدل أولياء الله وخلفاءه؛ جعل إلينا وراثة الأرض، وكتب علينا سياسة العالم؟ فما سكوتنا إذن عن هذا الدكتاتور الآخر؟ فقال سام وقد تذكر أن استجابة رزفلت لتشرشل قد كسبته نصف الدنيا: من الطبيعي أن ينبو علينا هذا الوحش ما دام طعامه غير طعامنا، وكلامه غير كلامنا، ومرامه غير مرامنا، ونحن خليقان أن ننظر في أمره؛ فما عندك من الرأي؟
قال جون بول وهو ينفض بيبَته على كعب حذائه: الرأي عندي أن نتغدى به قبل أن يتعشى بنا. وسأضع بين يديك موارد الإمبراطورية، لتضمها إلى موارد الجمهورية، فيكون منهما جميعاً ذلك السلاح الذرَّي الخفي الذي يمحو الروسيا والروس في يوم أو بعض يوم. وحينئذ نقسم الكرة بيننا قسمين بالطول أو بالعرض كما تشاء، وأترك لك أن تختار إما غرب جرينتش أو شمال خط الاستواء!
وكان الدب في الوقت نفسه يقول لخليفة استالين: ما هؤلاء الذئاب الذين لبسوا مسوح الرهبان حتى سلموا وأمنوا، وولغوا في دماء المغلوبين حتى بشموا وسمنوا، وظنوا أن قذائفهم الذرية ما نعتُهم من الله فبغوا بغي (موسو)، وطغوا طغيان (هتلر)؟ إن رسالة الشيوعية إعتاق الإنسان من رق الإنسان. ولن يزول من الأرض استعباد الأفراد برأس المال، واستعباد الأمم في سبيل المال، ما دام على ظهرها ناطق بالإنجليزية. ومن المحال أن يتحالف الخير والشر، ويتآلف الصلاح والفساد. فسبيلنا إذن أن نعمم رسالتنا، ونتمم إنسانيتنا، فنبيد هذه الجراثيم بما هيأه لنا الله من قوى المال ومعجزات العلم فيطهُر الكون ويصلح المجتمع.
وما هي إلا مواضعة الرأي بين رب الشيوعية وزبانيتها حتى انبثت عيون الروس في مخابئ إنجلترا وأمريكا تبحث عن أوكار الطاقة الذرية. وفي ساعة من ساعات الليل الكافر أُرسلت عليها صواريخ روسية ألمانية لم يصل العلم السكسوني إليها بعد. فزلزلت الأرض كلها بضع ثوان، ثم سكن الزلزال وسكن كل حيّ وأنقضَّ به كل قائم.
وأصبح الصباح الأغبر الدامي فإذا العالم قد أسلم وجهه لقوة واحدة؛ وإذا عملاق أصلع من عماليق موسكو يخرج من الكرملين كما يخرج العفريت من القمقم، فيطول ثم يطول حتى يضع رجلاً فوق لندن، وأخرى فوق واشنطون؛ ثم يقول وقد ازدهاه النصر وتملكه الفخر: