للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وإن بريطانيا العظمى لو رفعت يدها اليوم عن تلك البلاد لما زالت جميع الحوائل بينها وبين قيام الحكومة الوطنية الشاملة، ولا قاربت الزوال.

(فهناك الأمراء الحاكمون في ولاياتهم وهم لا يتفقون ولا يرضون أن يحكمهم مجلس في عاصمة بعيدة عن عواصم الإمارات.

(وهناك المسلمون وهم كثرة في بعض الأقاليم وقلة في بعض الأقاليم الأخرى، ولو شملتهم حكومة واحدة لأصبحوا قلة ضائعة في جميع الأقاليم.

(وهناك المنبوذون وهم عشرات الملايين ينظر إليهم البراهمة نظرتهم إلى الرجس الذي يفرقون من ظله، ولا خير لهم في حكومة تضعهم هذا الموضع وتهملهم هذا الإهمال.

(وهناك اختلاف الأقاليم في الأجناس واللغات وعناصر الثروة ومعادن التربة الزراعية، مما لا يجتمع نظيره إلا في قارة من القارات الكبار.

(فمسألة الهند العضال ليست مسألة السيادة الخارجية وحدها سواء كانت عالمية أو مقصورة على بعض أجزاء العالم. إذ لو فرغت كل سيادة عالمية في الدنيا لما فرغت المسألة الهندية، بل لعلها تبدأ يومئذ من جديد. . .).

نعم تبدأ على نحو لا يخطر على بال أولئك الواهمين الذين يحسبون (الهند) كلمة ولا تزيد معرفتهم بها عن هجاء حروف هذه الكلمة.

فإن نهرو زعيم المؤتمر الهندي شيوعي وليست الشيوعية على مسافة بعيدة من الحدود الهندية، وليس طريق الزحف العسكري على الهند بالطريق المسدود.

وعصبيات الدين في داخل البلاد أعجب ما عرف الناس من مصائب المصيبات في جميع الأقطار.

ففي تلك البلاد أناس يقدسون البقر ويحكمون بالنجاسة على خمسين مليوناً من النفوس، ويتحرجون من ذبح البقر وقد ذبحوا في بيهار وما جاورها أربعين ألف مسلم، لأنهم تقربوا بضحاياهم في عيدهم الكبير!.

فأوجز ما يقال في مشكلة الهند أن حكمها كلها بدستور واحد من هيئة واحدة وراء المعقول والميسور.

وإن نظام (الباكستان) ليس بالنظام العجيب كما يبدو للوهلة الأولى، ولا يمكن أن يوصف

<<  <  ج:
ص:  >  >>