للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بأنه انشقاق وطني عن قومية واحدة، كما تخيله بعض الواهمين في هذه الديار.

ولم نقرأ في صحافتنا مقالاً يدل على الإحاطة بحقيقة المشكلة كالمقال الذي كتبه الدكتور هيكل باشا في صحيفة السياسة حيث قال في الثاني والعشرين من شهر ديسمبر الماضي: (ويدل على هذا الجور كذلك أن الهند ليست أمة لها مقومات الأمة من اتحاد في اللغة أو في العقيدة أو في العنصر، بل هي أدنى إلى أن تكون قارة بين أديانها ولغاتها وعناصرها من التباين ما يزيد أضعافاً على ما بين دول أوربا. .)

وقال قبل ذلك: (ما كنا لنعالج هذا الموضوع لولا ما نرى في التعريض بالمسلمين من الدعاة إلى الباكستان من جور لاشيء من الإنصاف فيه. يد على هذا الجور أن هؤلاء الدعاة إلى الباكستان لم يطلبوا أي امتياز للأقليات الإسلامية الموجودة في سائر ولايات الهند. .)

وهذه صورة قريبة من صورة المشكلة الكبرى التي يعالجها نظام الباكستان. ونحن لا نقرر هذه الحقيقة لأن الباكستان في رأينا يحل المشكلة ويحسم الخلاف، فإن الباكستان يحل بعضاً منها ويترك بعضها الآخر في انتظار الحلول. ولكننا نقرر تلك الحقيقة ليعلم الواهمون عندنا أن الهجوم على المسائل العالمية هجوم على ما يجهلون وخلط في أمور لا تؤمن عاقبة الفتوى فيها بغير علم وبغير روية، وإن الحكاية ليست حكاية كلمة إزاء كلمة وثلاثة حروف إزاء ثلاثة حروف، ولكنها حكاية أمم وأرواح وقضايا تجور على سلام العالم كله إذا عولجت بغير حقها من الفهم والدراية وحسن التقدير لعواقب الأمور.

أما النقص في نظام الباكستان كما نراه فخلاصته أن الأقاليم التي يراد لها الاستقلال لا تأوي إليها جميع المسلمين وليس سكانها جميعاً من المسلمين، وان الرابطة الإسلامية يتبعها عدة ملايين وينفصل عنها فريق آخر بعضهم من الشيعة وبعضهم من السنيين، وأن تبادل السكان بين الأقاليم الإسلامية والأقاليم الهندوسية لتسوية عناصر القلة في جميع الأقاليم ليس بالحل الميسور ولا يتأتى إتمامه في بضع سنوات.

فربما كان نظام الاتحاد على المثال المتبع في الولايات المتحدة أقرب إلى تسوية المشكلة مع الأخذ بالأساس المقرر في نظام الباكستان.

وعلى ذكر الولايات المتحدة الأمريكية نعود إلى الواهمين ليفهموا مرة أخرى أن تقسيم

<<  <  ج:
ص:  >  >>