للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

من البشر، فما منع اختلاف في الدين دون البر. قال تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين) (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل)

وتنظيم البر في العصر الحاضر يجب أن يقوم على نفس الأسس والوسائل التي جاءت بها الدعوة المحمدية، لأنها أفعل وأدوم، ولكن يجب كذلك أن نتصرف ونجتهد كي نحقق المقصد والغاية، وأن ننظر في عصرنا، وموارد الثروة فيه، ومصادر الغنى، وحالات الناس لنكفل الخير للجماعة ونرضي الله سبحانه وتعالى، حتى يعود للظهور بيننا من كانوا يأبون أن يتعرضوا لوجوب أداء الزكاة عليهم بإنفاق أموالهم كلها، حتى قيل لبعضهم كم يجب من الزكاة في مائتي درهم فقال: أما على العوام بحكم الشرع فخمسة دراهم، وأما نحن فيجب علينا بذل الجميع.

ولهذا المعنى تصدق أبو بكر رضى الله عنه بجميع ماله، وعمر رضى الله عنه بشطر ماله.

ولا عجب فإن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، وروح الدعوة المحمدية واضحة في أن الزكاة وحدها لا تبرئ أموال المسلمين من حقوق المحتاجين فيها، فما دام محل للبر والصدقة فهي واجبة، وحق المسلم لا ينتهي بأداء الزكاة.

يجب إذاً أن نستلهم من شريعة الإسلام الهدى، وأن نستوحي من روح الدعوة المحمدية نظاماً للبر تقوم عليه الدولة، لتوازن بين الثروات والحاجات، وتقيم التكافل الاجتماعي، ونقضي على حرب الطبقات (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره).

عبد الرحمن عزام

<<  <  ج:
ص:  >  >>