للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

محمداً ثم قتل. وأما خبيب فلما خرجوا ليصلبوه قال لهم إن وأيتم أن تدعوني حتى أركع ركعتين فافعلوا، قالوا دونك فاركع، فركع ركعتين أتمهما وأحسنهما، ثم أقبل على القوم فقال أما والله لولا أن تظنوا أني إنما طولت جزعاً من القتل لا استكثرت من الصلاة، ثم قال حين أوثقوه ورفعوه على خشبة: اللهم إنا قد بلغنا رسالة رسولك فبلغه الغداة ما يصنع بنا، ثم قال اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحدا. فاضطجع المشركون لجنوبهم حين سمعوا الدعاء، وكانوا يقولون إن الرجل إذا دعى عليه فاضطجع لجنبه زالت عنه، ثم قتلوه رحمه الله، وكانت آخر كلمة قالها:

ولست أبالي حين أُقتَل مسلماً ... على أي جنب كان في الله مصرعي

فإذا كانت محبة الله ورسوله والجهاد في سبيله، أكثر من الآباء والأبناء والمال والمساكن يمكن نيلها وقد نالها الرعيل الأول من المسلمين السابقين، وهي السبيل إلى العزة والكرامة، فما أحرى الأمم الإسلامية أن تربي أبناءها على حب الله ورسوله والجهاد في سبيله، لتنال ما ناله السابقون من العزة والتمكين في الأرض، ولتضيف مجداً طارفاً إلى مجدها التليد، ولتنجو من هذا الوعيد الشديد، فتربصوا حتى يأتي الله بأمره، والله لا يهدي القوم الفاسقين.

محمد عرفه

<<  <  ج:
ص:  >  >>