للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الممض.

فليقس كل امرئ إيمانه بهذه الآية ولينظر أيحزن إذا فاته حظ من دينه مثل ما يحزن إذا فاته حظ من دنياه، أم هو لا يبالي بضياع دينه ويأسى على ما فاته من الحقير من دنياه.

أيجد من قوة اليقين ما يستحبه له دينه على الآباء والأبناء والأهل والعشائر والأموال والمساكن وجميع حظوظ الدنيا وخيراتها، أم يجد من ضعف اليقين ما يستحب له عرض الدنيا على دينه وآخرته.

ومن خدع الشيطان ما يوسوس به في النفوس من أن هذا التكليف لم يتحقق ولن يتحقق؛ فإذا لم يحققه المرء في نفسه فله في جميع المكلفين أسوة. هذا ما يحدث به المرء نفسه، والمرء يلتمس المعاذير، ولكن التاريخ الإسلامي يحدثنا عن كثير من السابقين الأولين أنهم نالوا هذه الدرجة وكان الله ورسوله أحب إليهم مما سواها.

روى أنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم رهط من قبيلة عضل والقارة وقالوا إن فينا إسلاماً فابعث معنا نفراً من أصحابك يفقهوننا في الدين ويقرئوننا القرآن ويعلموننا شرائع الإسلام، فبعث رسول الله معهم نفراً ستة من أصحابه فيهم زيد بن الدثنة، وخبيب بن عدي، فخرجوا حتى إذا كانوا على الرجيع وهو ماء لهذيل استصرخوا عليهم هذيلاً فلم يرع القوم وهم في رحالهم إلا الرجال بأيديهم السيوف قد غشوهم فأخذوا أسيافهم ليقاتلوهم، فقالوا لهم إنا والله ما نريد قتلكم، ولكنا نريد أن نصيب بكم شيئاً من أهل مكة، ولكم عهد الله وميثاقه ألا نقتلكم، فقال بعضهم والله لا نقبل من مشرك عهداً ولا عقداً أبدا، فقاتلوا المشركين حتى قتلوا وأسر زيد وعدي، وخرج بهما المشركون إلى مكة فباعوهما من قريش بأسيرين من هذيل كانا بمكة، فأخذ حبيباً عقبة بن الحارث بن عامر ليقتله بأبيه الذي قتله المسلمون، وابتاع زيد بن الدثنة صفوان بن أمية ليقتله بأبيه أمية بن خلف الذي قتله المسلمون ببدر وبعث به أمية إلى خارج الحرم، وترامى الخبر إلى أهل مكة أن صفوان سيقتل زيداً بأبيه فخرجوا ليشهدوا مصرعه، وكان ممن خرج أبو سفيان فقال لزيد حين قدم ليقتل، أنشدك الله يا زيد أتحب أن محمداً عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه وأنك في أهلك؟ قال والله ما احب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وإني جالس في أهلي. فقال أبو سفيان ما رأيت من الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد

<<  <  ج:
ص:  >  >>