الثمار والزينة، وأحسنوا الحضارة في كل مناحيها. فكان عهدهم أنضر عصور الهند فيما يعرف التاريخ.
- ٤ -
كانت الدول الإسلامية في الهند خيراً لها وسعادة، جلبت إليها حضارات مختلفة، حضارات العرب والفرس والترك وحضارات أخرى أخذتها هذه الأمم عن غيرها.
كانت الدول الإسلامية في الهند قائمة بعدل الإسلام، رافعة راية الأخوة بين البشر والحرية للناس جميعاً بين أمم فيها العابد والمعبود، والمقدس والمنبوذ، والطاهر والنجس، وفيها السيد والعبد، والعزيز والذليل، وكانت داعية إلى التوحيد الخالص في بلاد تزدحم فيها الأوثان والخرافات والأوهام، وعملت ما علمه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها من علوم وآداب وفنون وصناعات حتى لقد علموا تفصيل الثياب وخياطتها ولم يكن أهل البلاد بها عارفين. لقد عرفوا الإنسان كرامة الإنسان، وحرروا العقول من الأباطيل، وطهروا القلوب من الأرجاس، ونزهوا البشر عما لا يليق بالبشر، وسجلوا على التاريخ مآثر لا يزال يرددها مأثورة مشكورة.
- ٥ -
ولا يزال مسلمو الهند اليوم، على كر العصور، وتتابع الخطوب، يؤدون واجبهم لدينهم وللناس جميعاً. لا يزالون يجادلون عن أنفسهم، وينافحون عن دينهم، ويدافعون عن حضارتهم، ويطمحون إلى المقاصد العليا التي يدعوهم إليها دينهم وتاريخهم وحضارتهم.
ولا تزال جماعتهم، التي تجمعها وتسوي بينها أخوة الإسلام، مفزع كل مظلوم، وملجأ كل يائس من العدل والحرية والمساواة. فمن لحق بهم ممن لاحق له، ولا حرية، ولا كرامة شملته الأخوة، وأظلته الحرية، وحي قلبه، وكرمت نفسه، ووجد السبل ممهدة له إلى أبعد الغايات، والسلم منصوباً أمامه إلى أعلى المطامح.
وأنا لموقنون أن المسلمين في الهند ماضون على خطتهم، سائرون على سنتهم، حتى يبلغوا المقصد، ويستولوا على الأمر، لخيرهم وخير الناس أجمعين.