مركزها كان النقطة الأساسية في النظام اليوناني القديم.
لنقف الآن قليلاً، ولنتصور أنفسنا في يوم ٢٢ يوليو عند ما يكون النهار على أطوله، والشمس مشرقة تماماً على الخط المار بين الغرب والشرق منا. لندع الشمس تدر حول الأرض كعادتها ونحن نرقبها كل يوم من مسقطها ونعين موضعها بين الجبال أو ان شئنا بين النجوم، فبعد أيام نرى أن الخط المار بنا وبها قد بدأ في الانحراف قليلاً عن خط الشرق والغرب، ولا يزال الخط في الانحراف ولا تزال الشمس متنقلة بين النجوم إلى أن يأتي الخريف بعد الصيف الحار، ويقترب الشتاء ببرده القارس، ويأتي يوم ٢٢ ديسمبر حيثما يكون النهار على أقصره، فبلغ الخط منتهى انحرافه، وبدأ بالرجوع إلى مكانه الأول. ثم لحق الربيع الشتاء، وما كاد يطرب بنضارته وجماله الشعراء حتى يباغته الصيف بحره وجفافه، ويأتي يوم ٢٢ يوليو حيث يرجع الخط لمكانه الأول. وذلك بعد أن أنهت الشمس مسيرها بين النجوم. لأن ذلك كان ما اعتقده أرسطو وبطليموس في النظام الكوني وعللاه بقولهما: إنه لو كانت حركة الشمس هذه ظاهرية فقط ومسببة عن حركة في الأرض في جهة معكوسة، لكنا رأينا النجوم أيضاً تسير بهذه الحركة الظاهرية مع الشمس، وبما أنا لا نلاحظ أي انتقال أو تغيير في النجوم فالأرض إذن ثابتة لا محالة، وأي تغيير قد يحدث في بعض هذه اللوامع في الليل فانه راجع إلى الأجرام نفسها لا إلى حركة الأرض أو دورانها. وهذا التعبير الذي أذاعه المعلم الأول أرسطو تعبير منطقي يسلم به العقل، ولذلك ظل معتقداً راسخاً في قلوب الناس قروناً عديدة
أول ما يلاحظ الناظر في الليل إلى السماء هو الاختلاف البيّن في لمعان النجوم، فاستدل اليونان من ذلك على أن النجوم الأشد لمعاناً هي أقرب إلى الأرض من غيرها، وقد وجدوا أن من غريب أمر بعض هذه النجوم، أنها تنتقل من مكان إلى أخر، لذلك سميت بالنجوم السيارة فبثوا العيون وراءها ترصدها أينما حلت، واعتقد أرسطو أن هذه النجوم السيارة إن هي إلا أجسام طبيعية تدفعها إلى الحركة أرواح حالة فيها. وبما أن الأرواح تسير بقوة الإله الأكبر، والكاهن هو الواسطة بين الله والإنسان، فالكاهن إذن عالم بأمر هذه النجوم. فادعى الكاهن هذه المعرفة فأخذ يدرس حركاتها، فلما لم يعلم بسر حركتها ظن أن الروح تحركها، ولما رآها تسير بنظام لا يدركه قال هي تسير بلا نظام، وأن بعضها يسلك على