الطعام والكساء، وجمع النقود مليماً بعد مليم، وتكديس المئونة قيراطاً بعد قيراط، حتى أصبح الشحاذون هم أصحاب الثراء، وفوق ذلك فإن أكبر ضرر ينتج عدم الإنتاج والابتكار، والزهد والشح هو فتح باب الخداع والرشوة، ولهذا كان ضعف الصين وفقرها.
لقد كان صاحب كتاب (الدول الثلاثة) أعظم الناس عقلاً وأكثرهم تجريباً؛ إذ قال في أول كتابه القيم:(لابد أن تتطور حالة الدنيا بحيث يتحد الناس بعد مدة الفراق من جهة، ويفترقون بعد مدة الاتحاد من جهة أخرى).
ولو أننا رجعنا إلى الخلف خطوة، نبحث في تاريخ الصين عن أسباب السلام والصلح من جهة، وعن أسباب التمرد والعصيان من جهة أخرى، لوجدنا أن السبب الوحيد هو وقوف سياستنا في حدود نطاق المتاع الشخصي الضيق، وحدود الاقتصاد في إنتاج الزراعة البسيطة، وعدم استغلال الطبيعة لتحسين حال المجتمع وخصوصاً العجز عن رفع مستوى المعيشة.
لقد كانت مصر من بناة الحضارة بين أبناء آدم، بل كانت الأولى في العالم من قديم الحضارة وبعد التمدن؛ إلا أن أهلها ما زالوا يعيشون على ماء النيل فقط، فإذا لم يرتفع فيضان النيل إلى درجة موفورة، نقص حصاد الزرع، ومات الناس جوعاً. وإذا لم تكف المؤونة بأن كان إنتاج الزراعة ومحصولها محدوداً مع زيادة السكان، حدثت المصائب دائماً، فلذلك ظلت مصر ضعيفة.
وإلى هنا كشفت المشكلة أمام أعيننا علانية، فلابد أن ننزع ما بين البشر من حدود، ونبعد عن نطاق المتاع الشخصي، ثم نتجه إلى السماء بقصدنا المعين، ونستغل الطبيعة بقوتنا المتحدة وعند ذلك تحسن حالة المجتمع وتصلح شئون الوطن، ونرى أنفسنا متقدمين نحو الأمام مشغولين بالاختراع. تلك هي وجهة نظري الجديدة في الحياة، وهي نفسها نظرية الشمس والحياة.