وربما رأى بعض الحاذقين أن الأمريكيين من أشد الناس حمقاً، لأنهم يسلمون ما أنتجوا من السلاح والغذاء إلى حلفائهم بدون أي شرط، وهم قد دفعوا الضرائب الثقيلة، وسكبوا عرقاً ودماء. ولكن الأمريكيين أنفسهم ما زالوا يخترعون هكذا، ويعطون هكذا، بل إنهم يستمرون في الاختراع والإعطاء، وبذلك أصبحت أمريكا زعيمة دول الحلفاء، وصار الرئيس روزفلت أول السياسيين في العالم، وصار أهل أمريكا أكثر الناس سعادة. وإن مثل أمريكا الآن مثل الشمس تبعث الحرارة والنور باستمرار، فحصلت عظمتها وجلالها من بذل الحرارة والنور، وهي نفسها لا تعني بتنعمها قط.
وإذا لاحظنا مسألة الأمريكان الاقتصادية بعد الحرب الحاضرة، وقد نفذت اليوم فعلاً ما عرضته على آذان المستمعين الآن من نظرية الشمس والحياة، ظهرت لأعيننا مشكلة النزاع العلني بين فريقين: أولهما الذين يقترحون أن يبقى الإنتاج الجليل كما كان بعد الحرب الحاضرة، كي تتجدد مسألة البطالة، وهم لا يلاحظون حينئذ دفع الضرائب الثقيلة وتحمل الديون. وثانيهما: الذين يقترحون اختصار ميزانية الوطن بعد الحرب الحاضرة والنقص من مدى الإنتاج تجنباً للتضخم المالي.
وإني لموافق على رأي من التوسع في الإنتاج، فأرجو من أمريكا أن لا تنفذ قرار الذي يشير بإنقاص الإنتاج بعد الحرب الحاضرة، بل يجب عليها أن تستمر في الاختراع والإنتاج، لتتمتع الجماهير بالنتائج ويرتفع المستوى المعيشي، ثم تبيع ما يبقى من الإنتاج بعد الاستعمال، ولو بقى شيء من الإنتاج بعد البيع، فما عليها إلا أن تقدمه للناس هدية. إذ إن ثمة بعد الحرب كثيراً من البلدان تنتظر نهضة، وكثير من الأمم تحتاج إلى المساعدة والإنقاذ. ولما كانت لأمريكا هذه القوة على الاختراع وتلك القدرة على الإنتاج، فكيف يجوز أن لا ترفع قواتها إلى أقصى الحد، كي توفر النعمة لجمهورها خاصة وللعالم كله عامة؟
إن السياسيين الأوربيين إذا تحدثوا عن سياستهم الداخلية، طالبوا دائماً برفع المستوى المعيشي، أما السياسيون الصينيون فقد تعودوا أن يبثوا في الناس حب الاقتصاد والزهد، وذلك يوضح مذهب الفريقين المختلفين وفلسفتهما، ويمثل نوعين من السياسة متميزين.
أما كيف يرفع مستوى المعيشة فذلك بالبحث في خامات الطبيعة وقوانينها والأخذ عنها بالاختراع والعمل على زيادة الإنتاج. وأما كيف يكون الزهد والاقتصاد فذلك بالقصد في