للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وطينا عن الزوراء لا در درها ... بساطاً متى ينشر نعد به طعنا

وإني وإن كنت ابنها ورضيعها ... فقد أنكرتني لاسقاها الحيامزنا

إلى الله أشكو من زمان تخاذلت ... وصار الكريم الحريستر فد القنا

ألا مبلغ عني سراة بين الوغى ... وأقيال عرب كيف صبرهم عنا

أهم بأم الحزم في حومة الوغى ... ومن ناهز السبعين أنى له أنى

إذا كفى اليسرى أشارت لناقص ... قطعت لها زنداً وألحقتها اليمنى

وأنا إذا صاح الصريخ لحادث ... أجبنا ولبينا لمن فيه أنبأنا

على الكرخ في الزوراء مني تحية ... وألف سلام ما بها ساجع غنى

صحبتهم طفلاً على السخط والرضى ... وشبت فلا سيفي أفاد ولا أغنى

وبعد مضي أربع عشرة سنة على ولايته في بغداد سولت له نفسه أن يستقل بالقطر العراقي ويسمى أميره كما فعل محمد علي باشا والي مصر، غير إنه لم يفز بوطره إذ فشا على أثر خروجه على الدولة العثمانية طاعون شديد الوطأة في بغداد وما جاورها من البلاد بحيث ثبط عزمه وشتت شمل جيوشه. فلما انتهى إلى الآستانة خبر عصيانه أرسل السلطان محمود خان نحو عشرين ألف مقاتل يقودهم علي رضا باشا وإلى حلب لكبح جماح الوالي المتمرد، فباغت قائدهم مدينة بغداد وشدد عليها الحصار بينما كان أميرها المستقل منهمكاً في تحصين أسوارها وتقوية حاميتها، وبعد مناوشات عديدة وهجوم ودفاع رأي أن لا طاقة له على القراع والكفاح لموت معظم جنوده بالوباء، فأذعن لخصمه وسلم نفسه أسيراً، فأرسل على الفور إلى الآستانة مخفوراً، وقد برح عاصمة العباسيين قاصداً القسطنطينية عام ١٢٤٧هـ - ١٨٣١م حيث عفي عنه، ولقي مزيد الحفاوة والإكرام لكثرة خدماته السابقة للدولة، وبقي مشمولاً بالرعاية والالتفات، مدة إقامته في عاصمة المملكة.

لقد جمعت المترجم لحمة الأدب بالشاعر بالفلق المعلم بطرس كرامة الذي أتحفه بقصيدته الخالية التي بعث بها إلى طائفة من أدباء وشعراء بغداد وطلب منهم أن ينسجوا على منوالها ويباروا صاحبها وهاك مطلعها وبعض أبياتها:

أمن خدها الوردي أفتنك الخال ... فسح من الأجفان مدمعك الخال

وأومض برق من محيا جمالها ... لعينيك أم من ثغرها أومض الخال

<<  <  ج:
ص:  >  >>