فلعل هذين المجمعين يقومان بالواجب عليهما نحو الفقيد ونحو أبناء العربية فيحرصان على نشر آثاره الخاصة وطبع مؤلفاته، حتى لا يضيع جهد ذلك الباحث العظيم على اللغة، وتكون نهايته أن يدفن في خزانة. . .
هل نهضنا؟
زميلتنا مجلة (الأديب) البيروتية دعامة من دعامات النهضة الأدبية العربية، وصفحة مشرقة تنشر مفاخر الآباء ومآثر الأبناء وتسجل حلقات التطور في الفكر العربي، ثم هي تجمع إلى ذلك روائع التفكير الغربي، فهي بحق تضطلع بمهمة شريفة كريمة في خدمة القومية العربية والنهضة الفكرية.
ولكن هذه الزميلة العزيزة كتبت في عددها الأخير تقول إنها تواجه أزمة مالية تهددها، وإنها لذلك وضعت مستقبلها بين يدي أنصارها وأصفيائها، وطالبتهم أن يعينوها باشتراك مادي مضاعف حتى تستطيع السير في خطتها؛ وتقول (الأديب): إنها تقصد بالأنصار أنصار الرسالة الواعية والفهم القومي، وإنها تأمل أن يجد نداؤها صداه البعيد في نفوس الذين في وسعهم تلبيته.
وهذا داء معضل نعرفه في الشرق العربي، فلا نجد صحيفة أدبية تخدم الأدب الصحيح، وترفع لواء الرأي الصريح، وتخلص للقومية العقيدة الرشيدة تصيب من التقدير والإقبال ما يعينها في مهمتها، ويساعدها على ما تضطلع به من إعياء، على حين نجد عشرات الصحف والمجلات التي تعيش على تملق الغرائز والتجارة بالكلام التافه تصيب من التقدير والإقبال ما يغدق عليها وفير المال.
يقولون إننا في الشرق العربي قد نهضنا في الأدب، وأنا أقول أجل! إننا نهضنا ولكن بغرائزنا لا بعواطفنا، ونهضة الغرائز ضراوة وانحلال، ويم أن تنهض عواطفنا، وتتهذب مشاعرنا، نستطيع أن نقدر الفكر القويم، والأدب الكريم، والإنتاج المهذب.
إنها في الواقع ليست محنة (الأديب) إذ لا تجد، ولكنها تهمة لأبناء العروبة إذ لا يقدرون.
كتب الله السلامة (للأديب)، وبصر بحالها كل ندب أريب. . .