بمواقف النضال والجهاد، كما راحوا يشيرون بأصابعهم إلى ما كان من بلايا الاستعمار ورزايا الاستعباد:
إرث من الماضي البغيض مجمع ... في كل عضو منه سوس ناخر
مشت السياسة في حواشيه كما ... يمشي على البلد الأمين الغادر
وطغت على حركاته أمواجها ... فمغامر من أجلها ومقامر
ومؤتمرات تشتري في سوقها ... وتباع بالسلع العجاف ضمائر
ولقد مضى أسبوعان وما زالت صحف لبنان تفيض أنهارها بآيات البيان شعراً أو نثراً في تمجيد يوم الجلاء والابتهاج بيوم الحرية والخلاص، وكنا نود أن نسجل هذه الآثار ولكنها شيء كثير؛ فلعل المسئولين في لبنان يعنون بجمع هذه الآثار وتسجيلها في كتاب يذاع إكباراً لتلك المناسبة الكريمة، وتمجيداً لتلك الذكرى المجيدة.
ترجمة مائة كتاب:
من بين القرارات التي اتخذتها أخيراً لجنة الثقافة بالجامعة العربية العمل على اختيار مائة كتاب من الكتب التي صدرت باللغات الأجنبية، والقيام بترجمتها وتوزيعها على بلاد الشرق الأوسط، وقد ألفت لجنة خاصة للإشراف على هذا العمل والقيام بتنفيذه.
وتقول اللجنة في تبرير هذا العمل إنه مما يقوي العلاقات الثقافية بين الشرق والغرب، ونقول نحن إنه كذلك يؤدي خدمة ثقافية لأبناء العروبة، ويعينهم على تتبع التطور الفكري في العالم، ولكن ألا توافقنا هذه اللجنة على أن هذا العمل ينطوي على دعاية للغرب في الشرق، وهي دعاية تحرص عليها الأمم الغربية في الظروف الراهنة وترصد للقيام بها الأموال الكبيرة.
هذا صحيح! ولقد كنا نود من اللجنة أن تحرص أولاً على اختيار مائة كتاب عربي وتعمل على نقلها إلى اللغات الأجنبية الذائعة وتقوم بتوزيعها في أوروبا وأمريكا لتكون دعاية للشرق في الغرب، وليعلم أولئك الذين لا يزالون يتصوروننا شعوباً بربرية إننا لا نتخلف عنهم في كثير إن لم نكن لا نتخلف عنهم في شيء، وما أحوج الشرق العربي في هذه الظروف إلى الدعاية السياسية والدعاية الفكرية!