للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إخوانه حفروها له، فينزلون عليه بجماعتهم فينضوون عنه ثيابه كلها إلا ما يستر العورة الكبرى ولا يكاد، وتجئ طالبة، طالبة في بيت الطالبة - هل تسمعون أيها القراء؟ تقبل عليه فيستحي هو يخجل، ولا تخجل هي ولا تستحي، وتجره من يده فتلبسه من ثيابها. . فيستنوق الجمل، ويتأنث الرجل، ثم يجلسان على مائدة الشراب والغزل، والطلاب ينظرون، ولا يكتفي واضع الفلم بهذا كله حتى يجئ ب (سونة)، فيقفه عليهما وقفة أبله، فيقول للّبناني: هذه خطيبتي فكيف تأخذها مني؟ ثم يضحك ويولي عنه كأن الأمر لا يعنيه، وكأن هذا الفلم قد تعمد فيه أن يكون لعنة على الرجولة والشرف ومصر وجامعتها معاً، وعدوانا على أولئك جميعا. . .

وما هذا الذي ذكرت إلا مثالا مما في هذا (الفلم) فهل يبلغ أعداؤنا منا أكثر من هذا؟ وماذا يقول الناس غدا عن الجامعة المصرية وعن دار طلبتها إذا عرض هذا (الفلم) في بلاد العرب ورآه أهلها الذين يعدون مصر كعبة الثقافة ومورد العلوم؟ هل يرسلون أبناءهم إليها؟ أم يقولون إن هذه هي حقيقة الجامعة ولولا ذلك ما صورها مصريون في هذا الفلم المصري، ولما سمحت حكومة مصر بعرضه، ولما سكتت عنه إدارة الجامعة فلم تطلب منعه، ولم تقاض أهله، ولم تحرك من أجله ساكنا؟

وهذا الفلم مثال مما جرنا إليه تركنا ديننا وأخلاقنا، وتقليدنا الغربيين في رذائلهم وحدها، وحسباننا أن هذا هو التمدن وهذى هي الحضارة. وإذا كان هذا الفلم قد سبق الزمان فصور الجامعة بهذه الصورة المزورة، فإنه سيأتي علينا يوم تكون هذه هي الصورة الحقيقة للجامعة وللمستشفى وللمكتب وللدائرة وللمخزن وللشارع وللترام، ويكون كل مكان يلتقي فيه الرجل بالمرأة ملهى من الملاهي، ولم لا؟ واللذة مطلوبة، والرغبة موجودة، وما ثمة حجاب يمنع العين، ولا قانون يكف الجوارح، ولا دين يزع النفس، ولا شهامة تلجم الشهوات، لم لا؟ ونار الشهوة الكامنة في كل نفس، تؤججها هذه المجلات الصورة، وهذه الأفلام الداعرة؟

أو ليس من العجيب أنك تدخل في القاهرة السينما التي تعرض الفلم الإفرنجي فترى له فكرة وموضوعا وهدفا، وربما رأيت فيها الفلم العلمي أو التاريخي الذي يمر كله فلا تسمع فيه كلمة غرام، ولا ترى فيه قبلة. وتدخل لترى الأفلام المصرية فتجدها كلها إلا النادر

<<  <  ج:
ص:  >  >>