لدن ذلك الوقت، فكل غريب وعابر سبيل من عباد الله الصالحين يمر بها يأكل منها وأنا أمين الله عليها إلى يوم القيامة. فقال بلوقيا ولا تتغير ولا تنقص؟ فقال طعام الجنة لا يتغير ولا ينقص. قال بلوقيا فآكل منها؟ قال كل، فأكل حاجته، ثم قال له أيها الطائر وهل معك أحد؟ فقال معي أبو العباس يأتيني. فقال ومن أبو العباس قال الخضر عليه السلام، فلما ذكر الخضر وإذا به قد أقبل وعليه ثياب بيض فما خطا خطوة إلا نبت الحشيش تحت قدميه. ثم قال غمض عينيك فغمضهما، ثم قال له افتح عينيك ففتحهما فإذا هو جالس عند أمه، فسألها من جاء بي إليك؟ قالت طير أبيض يطير بك بين السماء والأرض فوضعك قدامي).
وتشبه هذه الطيور الطيور المذكورة في قصة:(سانت مكاريوس) وقد ورد في الأحاديث المنسوبة إلى الرسول ذكر الطيور البيضاء، وقد فسرها المفسرون بأنها الملائكة. وهو تفسير يتفق مع مذهب الأوربيين في تصوير الملائكة على أنها على صورة طيور بيضاء ذات جناحين طويلين.
ووجد (القديس) في جزيرة رهباناً كانوا يقتاتون بخبز الجنة لا يعرفون الهرم ولا يصل إليهم المرض، وكانوا لا يتكلمون وفي قصة (ذي القرنين) وقصة (جزيرة الحكماء). شبه كبير بهذه القصة. أما (العنب) العجيب الذي عثر عليه القديس في الجزيرة فله أصل في الحديث المنسوب إلى الرسول إذ يروى أن جماعة سألوا الرسول عن الكرم وهل ينبت في الجنة، فأيد الرسول وجوده فيها، وأبان لهم أن الحبة الواحدة لتكفي الرجل وعائلته. وهو يمثل على كل حال رأي الناس في العنب وهو رأي يشابه رأي الأوربيين في عنب جزيرة القديس.
وفي الأدب العربي عدد لا يحصى من هذا النوع من القصص وقد جمع قسماً منها الثعالبي في كتابه (قصص الأنبياء) وتجد طائفة أخرى في تفسير الخازن، وأكثرها من صنع من أسلم من اليهود مثل عبد الله بن سلام وكعب الأحبار ووهب أبن منبه وإضرابهم. وروى بعضها عن عبد الله بن عباس.
وتعرف هذه القصص عند المسلمين (بالإسرائيليات). والظاهر أنها عرفت عند المسيحيين كذلك إما عن طريق الكتب الدينية والتفاسير الموضوعة على هذه الكتب، وإما عن طريق