الأراضي من الفرنسيين وقد نضو ثيابهم المدنية وأخذوا يعملون سلاحهم معه في رقاب الآهلين ونيرانهم في أكواخهم، وما زالوا بهم تقتيلا وتحريقاً حتى طرحوا بقاياهم في الصحراء وقد انجلت الواقعة عن ثلاثين ألفاً من القتلى.
وقد عزز هذه الحكاية سعادة الأستاذ أمين الجامعة العربية بقوله: لما كنت في باريس حادثت أولى الأمر هناك بهذه الواقعة المخزنة فلم أسمع منهم إنكاراً لها، ولكنهم قالوا إن فيها مبالغة، والحقيقة التي اعترفوا بها هي أن عدد القتلى لم يتجاوز الثمانية عشر ألفاً!
وددت لو اتسع المجال لعرض كل ما سمعت من الأستاذ المحاضر ومقارنة أعمال المستعمرين بعضها ببعض، ولكن ما إلى هذا رميت، ولا إلى التشهير قصدت، إنما مرماي هو كشف النقاب عن الظلم الكامن في نفوس الغربيين المستعمرين، ثم ما هو الواجب علينا حيالهم.
أنا لست مؤمناً بالإنسان ولا بعلومه، ولا بعقله، وقد كشف الكثير من أسرار الطبيعة، وأنكر كل الإنكار المدنية والحضارة والتهذيب والكياسة وكل الأخلاق الفاضلة في الشعوب الأوروبية التي لم تقو على محو روح الشر المتأصل فيها ولا اقتلاع جذور الظلم الكامن في جوانبها، ولا هبوط حمى الجشع المستعر في ضلوعها، إنما أومن عن عقيدة بأن الشر يدفع الشر وأن الظلم لا يقتله إلا الظلم.