للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ديجول أو يعمل معه، كان أول ما عمله ترحيل المنصف الباي إلى فرنسا وأنه احتجزه في الصحراء ستة شهور حتى اضطره إلى كتابة صك تنازله عن العرش، وعندها حملته طيارة إنجليزية إلى باريس تحرسها شرذمة من الجند البريطاني، في حين أن الضباط الفرنسيين والطيارين الفرنسيين رفضوا نقل هذا العاهل المحبوب من شعبه ومن كل من عرفه أو اقترب من بلاطه.

يعرف كل من عاصر الثورة المصرية عام ١٩١٩ أن أحداث السنوات الخمس التي تلتها كانت أحداثاً جساماً، وأن الإنجليز لم يجابهوا الثورة مجابهة إلا عندما كانوا يدعون دفع الأخطار عن مصلحتهم أو يتذرعون بحماية أرواح الأجانب وممتلكاتهم، وعندها كانوا يمتشقون السلاح يعملون به ما يتوهمون أنه يقضي علي روح الثورة المتأججة. فكم من دماء أهدرت، وشباب ذوى، وأمهات ثكلت، وزوجات ترملت، وأرواح صعدت إلى باريها تشهد على ظلم الظالمين! وكم من صفحات أضيفت إلى تاريخ الاستعمار البريطاني سطرها اللورد اللنبي بسيفه وقد حاول المرشال ويفل تبريرها وتعزيزها بقلمه، وما تلك الصفحات سوى شهادة صادقة على خنق حرية الشعوب الفتية بأيدي دعاة أنصار الحرية.

أما موقعة الجزائر الأخيرة فقد رواها الأستاذ محمود عزمي، وعززها الأستاذ أمين الجامعة العربية. قال الأول: فعلت دعاية الحلفاء فعلها في نفوس المغربيين وتأثروا كما تأثر سواهم بميثاق الأطلنطي. وسحرتهم الديمقراطية الفاتنة واجتذبتهم الحرية، فما إن ألقى الغربيون المتحاربون سلاحهم حتى هب الشعب الجزائري هبة واحدة يظهر شعور الفرح والغبطة بدنو الحرية، فمشى في الشوارع أفواجاً منظمة يحمل أبناؤه الأعلام واللافتات فيها دعاء للحرية ومطالبة بالاستقلال.

هال المستعمر سماع صوت الشعب وحرارة ندائه فأمر القيم العام البوليس بتفريق المتظاهرين وتمزيق أعلامهم ولافتاتهم، فنفذ البوليس الأمر بغلظة وقسوة. هاج الشعب وغضب لهذه المقابلة الظالمة فعاد ثانية إلى التجمع والمناداة بغضب للحرية والاستقلال، فقابلهم البوليس ثانية برصاص البنادق، ففر الشعب إلى الضواحي يصب غضبه على بيوت الفرنسيين.

قامت قيامة القيم العام فأمر الجيش بإخماد الثورة. . . مشى الجيش بجانبه أصحاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>