لهذا صح أن يقال إن أدوات الآلام اسهل واعم من أدوات الأفراح، وأن كثيراً من الناس قادرون على الشعور بالألم في اعم حالاته ولكنهم لا يقدرون على الشعور بجميع الأفراح ولا بجميع المرضيات.
وإذا طبقنا هذه الملاحظة على أبي العلاء وجدنا أنها تنطبق عليه وعلى زمانه، وتدل في حالته أيضاً على سهولة أسباب الألم وصعوبة أسباب الفرح بالنظر إليه وبالنظر إلى الزمان الذي عاش فيه.
فهو حسير كسير في عقر داره، وزمانه زمان الفتن والحروب وزمان التقلب والنفاق، وغاية الأمل فيه أن يسلم من الشرور أو يتغلب عليها بشرور أكبر منها وكلاهما بلاء على الكريم وبلاء على اللئيم، وقضاء يلوذ منه الحائر بالقبوع أو بالقنوع.
وبعد فيكفي أن نعلم أن الإنسان مطالب بتحقيق أسباب الفرح وغير مطالب بتحقيق أسباب الألم، لنعلم أن افرح محتاج إلى الأداة وإن الألم لا يحتاج إلى أداة، بل إلى نجاة!