النشء. وبقيت هذه الحال حتى عام ١٩٢٨ إذ قام في مصر الأديب المعروف الأستاذ كامل كيلاني فأوقف مجهوده ووقته لخدمة الأطفال فأخرج في ذلك العام قصة (جوليفر) في أسلوب سهل وضبطها بالشكل وحلاها بكثير من الصور فصادفت رواجاً كبيراً شجعه على نقل غيرها من روائع الغرب. ثم اتجه هذا الأديب إلى ما ورد في اللغة العربية من نفائس القصص فبسطها وحذف منها ما لا يتفق مع عقليات الأطفال وأذواقهم فبدت شائقة جذابة، وانتشرت في أنحاء الشرق العربي كما ترجمت إلى جميع اللغات الشرقية وبعض اللغات الأوربية وعلى هذا يمكننا أن نقول أن الأستاذ كامل كيلاني قد سد فراغاً كبيراً كان من الضروري أن يسد، ووضع أساسا صالحاً لأن نشيد فوقه بناء لا يتطرق إليه الخلل.
فمما لا شك فيه أن أدبائنا الذين حصروا أنفسهم في الأدب العالي قد شيدوا الجدران والسقف قبل ان يضعوا الأساس. وهذا هو السر في إعراض شبابنا عن قراءة كتب الأدب وانصرافهم إلى الروايات التافهة الساقطة التي تنقل عن الغرب.