اراد المؤلف من قصته الوصول إلى غايتين: الاولى تصوير تربة ونباتات المنطقة الحارة وما بينهما وبين اوربا من فروق. الثانية: ان يرسم صورة رائعة لمجتمع ساذج مثالي لم تعرف المدنية الطريق إليه.
الراوية: شيخ صادفه المؤلف خلال اقامته في الجزيرة موريتوس قال الشيخ:
في اوائل القرن الثامن عشر، عاشت سيدتان متجاورتان في بقعة قريبة من ميناء سانت لويس. كانت احداهما مدام دى لاتور، وهى ارملة شاب نورمندى، مات وهو يحاول ابتياع عدد من الرقيق في جزيرة مدغشقر، وكانت الاخرى شابة ريفية من مقاطعة بريتان واسمها مرغريت، فرت من مسقط راسها لتفتش عن عالم جديد لا يتصل علمه بزلة اقترفتها. ولدت للاولى طفلة سمتها (فرجيني) وولدت للثانية طفل سمته (بول). عاشت السيدتان في ود متبادل، تتعاونان على ما تطلبه الحياة من كدح مجهود.
شب الفتى والفتاة وفي نفسيهما شعور الاخ لاخت، ولما بلغا اشدهما كان في نية السيدتين تزويجهما وربط قلبهما برباط متين من قداسة الزواج، لولا أن حاكم الجزيرة اقترح ارسال فرجيني إلى فرنسا لتتابع دراستها عند اقربائها الاغنياء هناك. . . وقد اتفق الراي على ذلك ودنت ساعة الوداع والفراق.
دنت ساعة العشاء فالتففنا حول المائدة، وحالت العواطف المتباينة التى تعصف بنفوسنا بيننا وبين الطعام، إذ كان يلفنا صمت رهيب. . . وكانت فرجينى أول من ترك المائدة وتبعها بول وشكا، واتخذوا مجلسها تحت ظل هذه الشجيرات التى نتفيأ ظلها الآن وصمتا. . . وكانت الليلة نموذجاً رائعاً لليالي المناطق الحارة الساحرة التى يعجز القلم عن وصفها: فقد أطل القمر من السماء وعلى جوانبها هالة فتانة من غيوم مبعثرة موشاة باللجين؛ واخذ نوره ينتشر ويمتد إلى جبال الجزيرة، وبدت قممها البعيدة غارق في يم عميق من النور؛ وسكنت الريح، واخذت الاحراج البعيدة والوديان العميقة والقمم الصخرية الحالة تردد صدى اصوات جميلة من حناجر الطيور التى طفقت تتداعب في اعشاشها مرحة بما يضفيه عليها جمال الليلة من فرح وحنان ورغبة في الوجود. . .، وتلالات النجوم في