للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محيطها البعيد مضطربة تبعث بنورها إلى الدنيا النائمة وكانها محبات يطفن بحبيب. . .

كانت فرجيني تتطلع إلى الأفق البعيد وكانها تفتش عن مجهول، فرأت على جبين الافق مما يلي الميناء انواراً حمراء مبعثرة على الشاطئ من قوارب الصيد، ورأت نوراً قوياً وقد وقف إلى جانبه خيال جسم كبير. . . فاعادها ما رأت إلى نفسها وايقنت ان ذلك الجسم الكبير ليس الا تلك السفينة التي ستفرق بينها وبين بول، فأدارت وجهها وهى تغالب ما لا تحتمل من آلام قلبها مخفية دموعها عن الذي تبكيه. وكنت انا ومدام دي لاتور ومرغريت غير بعيدين عنهما، وقد ساعدنا سكون الليل على الاستماع إلى ما دار بينهما من حديث مازال يعيش في ذاكرتي:

بول: لقد علمت بأنك ذاهبة عنا وشيكا إلى فرنسا، وكانك غير وجلة من اخطار البحر التي كان يرهبك مجرد ذكرها!؟

فرجينيا: انما هو واجب على يتطلب مني اطاعة اهلي.

بول: اتتركينا من اجل قريب بعيد لم تقع عينك عليه؟!

فريجينا: شد ما يؤسفني ان اكون مضطرة إلى ذلك! فوالدتي تدفعني إليه، والكاهن الذي اعتدت ان اعترف له قال لي: أنها ارادة الله، ولا بد من الذهاب، وأن الحياة مسرح للتجارب. . . ويا حسرتاه! ما أمر ذلك واوجعه في نفسي!

بول: ماذا؟! تجدين أسبابا كثيرة لتبرير ذهابك عنا، ولاتجدين سببا ًوأحداً لبقائك بيننا!! السبب الحقيقي لسفرك تذكريه! انه الثروة التى تغرى النفوس! أنك لواجدة في ذلك العالم الذي ستذهبين إليه الثروة والى جانبها أشخاصاً أكرم منى مولدا وأرومة وأسع ثراء، تستطيعين في سهولة ويسر أن تتخذي منهم أخا وصديقاً! شد ما يؤلمني أنني لا أستطيع أن أقدم إليك شيئاً من هذه الأمور! أتكونين أسعد منك الآن إذا تم لك ذلك؟! أى شاطئ ستذهبين إليه وتجدين اعز عليك من هذه البقعة التى فتحت عينيك على نور الحياة فيها؟ وأية مخلوقات في مقدورك ايجادها أحب إليك واحنى عليك منا! كيف تحتملين العيش بعيدة عن حنان أمك الذي اعتمدت عليه وماذا يكون شأنها، وقد تقدمت بها السنين، حيثما تتلفت لا تجدك على المائدة إلى جانبها، ولا تستعين بك إذا ما همت بالتحرك من مكان إلى مكان!! ماذا يكون حظ أمي من من اللوعة عليك وهي تكن لك أقوى العواطف وأخلصها؟! ماذا

<<  <  ج:
ص:  >  >>