للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أستطيع من القول لهما وهما تجهشان في بكاء مرير موجع عليك؟! أما عن نفسي! فلا أقول لك شيئاً أيتها الظالمة! ماذا يكون مصيري حينما لا أراك في الصباح، ولا نتلاقى في المساء! وعندما أحدق في هاتين النخلتين اللتين غرستا يوم ولادتنا، واللتين بقيتا شاهدتين على ودنا الذي لا يزول!

ليس بمقدوري أن أثنيك عما اعتزمت! ولكن أليس في استطاعتك السماح لي بمرافقتك وركوب البحر إلى جانبك! سأحرسك من عواصف البحر وأحميك! سأضع رأسي على صدرك وأبعث الدفء من قلبي المحترق إلى قلبك الرحيم، وهناك في فرنسا سأكون خادمك الأمين، وإذا احتاجت سعادتك إلى حياتي فسأبذلها رخيصة تحت قدميك!

وما وصل إلى هذا الحد من الألم حتى غلبت عاطفته العنيفة لسانه عن الكلام فصمت. . . واستمعنا بعد ذلك إلى فرجينيا تتحدث إليه بصوت مرتجف تقطعه شهقات من بكاء عنيف مكبوت.

قالت فرجينيا: انني مغتربة لأجلك!؟ أنت الذي أراه يرهق جسده بالعمل المضني كل يوم ليقيم أود أسرتين بائستين! وإذا كنت قد قبلت هذه الفرصة لأكون غنية فذلك لأني أود أن أرد لك جميلك مضاعفاً ألف مرة! أتحسب أن كنوز الدنيا تعادل حبي وحنيني إليك! لماذا جرحت عواطفي بالتحدث عن نسبك؟ وإذا كان ممكنا أن أختار لي أخا، فهل تحسب انني اعدوك في الاختيار؟ انك يا بول لأعز إلى قلبي من الأخ والأهل جميعاً! كم جاهدت نفسي لأروضها على احتمال البعد عنك!، أعني على انتزاع نفسي من هذا المكان العزيز إلى كالحياة نفسها، إلى أن يبارك الله زواجنا حينما أعود إليك انني أستطيع احتمال كل لون من ألوان الألم والحرمان في الحياة ولكنني لا أستطيع احتمال منظر هذا الحزن العميق المخيم عليك!

وما كادت تتم فرجينيا حديثها حتى صرخ في ألم حزين وضمها إلى صدره وهو يصيح: سأذهب معك! لن تستطيع قوة في الدنيا التفريق بيننا!

واقتربنا منهما فقالت له مدام دي لاتور أم فرجينيا: يا بني! وماذا يكون مصيرنا إذا ذهبت معها؟

قال بول في صوت متهدج حزين يردد ما قالته: يا بني يا بني! انت الام التي تريد التفريق

<<  <  ج:
ص:  >  >>