للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بيننا كيف تريدين ذلك وقد نشأنا اخوين لا نفترق ابداً كيف ترسلينها وحيدة إلى اوربا، إلى تلك البلاد غير الكريمة التي ظنت عليك بمأوى في الماضي! والى اقارب لم يسألوا عنك وعنها ابداً؟ في استطاعتك القول انها ليست شقيقتي وان ليس لي سلطان عليها انها كل شي لدي هي ثروتي، وحياتي، واسرتي. لقد جمعنا في في الماضي سقف واحد ومهد واحد، وسوف يجمعنا قبر واحد أيضاً! فاذا ذهبت فإني لاحق بها.

سيمنعني الحاكم من ذلك كما يخيل إليك. وهل يستطيع الحاكم من القاء نفسي في البحر؟ هل في مقدوره منعي من اللحاق بها سابحاً؟

سيكون البحر احب لي من اليابسة بعد سفرها علىمتن الامواج! وما دام قد قدر لي أن لا اعيش معها فلا اقل من أن اموت واغمض عيني وهي اخر ما ابصر في الوجود. ايتها الام الوحشية! ايتها المرأة التي لاتعرف الرحمة! ليت المحيط الذي تدفعين بها إليه لا يرجعها إليك ابداً! وليت الامواج التي تستعيد جسدي وجسدها إليك يثير مرآها عذاباً لاينقطع من تأنيب الضمير في قلبك الجلمود!

فاسرعت إليه وامسكت بذراعيه، لأن اليأس قد جرده من عقله، فقد جحظت عيناه، وتصبب جبينه عرقاً، واصطكت ركبتاه، واحسست بقلبه يخفق خفقاناً شديداً.

قالت فرجينيا: يا عزيزي بول! انني لأشهد أيام طفولتك الغالية والامك والامي، وكل ذكرى حبيبة يمكن ان تربط مخلوقين بائسين مثلنا، بأنني سأكون لك! انني لاسالكم ان تشهدوا أيضاً ايها الذين ربيتمونا منذ طفولتنا على ما اقول! وانت يا ربي الذي لم أدنس اسمه الكريم بالكذب كن شاهداً علي! وانت ايها البحر الذي ساعتلي متن امواجك، ويا أيها الهواء الذي املا رئتي منك - كونا شاهدين على ما اقول!

لقد عاد إليه هدوءه، فطأطأ رأسه على اثر سماع كلماته الحبيبة، وبكى بكاء مراً اختلطت دموعه بدموع امه التي اسرعت إليه تحتضنه وتردد صدى الامه بسيل من الدموع. ثم قالت له مدام دي لاثور: اني لااستطيع احتمال هذا، فلن تذهب ابنتي إلى فرنسا مهما كان الثمن الذي سادفعه. خذه معك إلى منزلك فلم يذق احداً منا النوم منذ اسبوع ونحن على مثل ما ترى من اللوعة والحزن والدموع. قال لبول: ان فرجينيا لن تسافر يا ابني، وغداً سنتحدث إلى الحاكم في امره ببقاءها. هيا بنا إلى منزلي واترك فرصة لاسرتك تذوق

<<  <  ج:
ص:  >  >>